والثاني : أنه منصوب ب «الفرقان» ؛ لأنّه مصدر ، فكأنه قيل : يوم فرق فيه في يوم التقى الجمعان أي : الفرق في يوم التقاء الجمعين.
وقرأ زيد (١) بن علي : (عَلى عَبْدِنا) بضمتين ، وهو جمع «عبد» وهذا كما قد قرىء (وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ) [المائدة : ٦٠] ، والمراد بالعبد في هذ القراءة هنا رسول اللهصلىاللهعليهوسلم ومن معه من المؤمنين ، والمراد ب (ما أَنْزَلْنا) أي : الآيات والملائكة ، والفتح في ذلك اليوم. (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) أي : يقدر على نصركم وأنتم قليلون.
قوله «إذ أنتم» في هذا الظّرف أربعة أوجه :
أحدها : أنّه منصوب ب «اذكروا» مقدرا ، وهو قول الزّجّاج.
الثاني : أنّه بدل من (يَوْمَ الْفُرْقانِ) أيضا.
الثالث : أنه منصوب ب «قدير» وهذا ليس بواضح ، إذ لا يتقيّد اتّصافه بالقدرة بظرف من الظّروف.
الرابع : أنه منصوب ب «الفرقان» أي : فرق بين الحقّ والباطل إذ أنتم بالعدوة.
قوله : «بالعدوة» متعلق بمحذوف ؛ لأنّه خبر المبتدأ ، والباء بمعنى : «في» كقولك : زيد بمكة. وقرأ (٢) ابن كثير وأبو عمرو «بالعدوة» بكسر العين فيهما ، والباقون بالضم فيهما وهما لغتان في شطّ الوادي وشفيره وضفّته ، كالكسوة والكسوة ، والرّشوة والرّشوة ، سمّيت بذلك لأنّها عدت ما في الوادي من ماء ونحوه أن يتجاوزها ، أي : منعته ؛ قال الشّاعر : [الوافر]
٢٧١١ ـ عدتني عن زيارتها العوادي |
|
وحالت دونها حرب زبون (٣) |
وقرأ الحسن وزيد بن (٤) علي ، وقتادة وعمرو بن عبيد بالفتح ، وهي كلها لغات بمعنى واحد.
هذا هو قول جمهور اللغويين ، على أنّ أبا عمرو بن العلاء أنكر الضمّ ، ووافقه الأخفش ، فقال : «لم يسمع من العرب إلّا الكسر». ونقل أبو عبيد اللغتين ، إلّا أنه قال : الضّمّ أكثرهما ، وقال اليزيديّ : «الكسر لغة الحجاز» ؛ وأنشدوا قول أوس بن حجر : [البسيط]
٢٧١٢ ـ وفارس لم يحلّ القوم عدوته |
|
ولّوا سراعا وما همّوا بإقبال (٥) |
__________________
(١) ينظر : الكشاف ٢ / ٢٢٣ ، البحر المحيط ٤ / ٤٩٥ ، الدر المصون ٣ / ٤٢١.
(٢) ينظر : السبعة (٣٠٦) ، الحجة ٤ / ١٢٨ ، حجة القراءات ص (٣١٠ ـ ٣١١) ، إعراب القراءات ١ / ٢٢٤ ، إتحاف ٢ / ٧٩.
(٣) البيت في البحر المحيط (٤ / ٤٩٥) والدر المصون ٣ / ٤٢١ تفسير ابن عطية (٢ / ٥٣٢) النهر الماد ٤ / ٤٩٩.
(٤) ينظر : السبعة (٣٠٦) ، الحجة ٤ / ١٢٨ ، حجة القراءات ص (٣١٠ ـ ٣١١) ، إعراب القراءات ١ / ٢٢٤ ، إتحاف ٢ / ٧٩.
(٥) البيت في ديوانه وروايته فيه :
وفارس لا يحل الحي |
|
.......... |
الديوان (١٠٤) البحر المحيط ١ / ٤٩٥ ، وتفسير الطبري ١٣ / ٥٦٥.