بالكسر ، والضم. وهذا هو الذي ينبغي أن يقال ، فلا وجه لإنكار الضّمّ ، ولا الكسر ، لتواتر كلّ منهما ، ويحمل قول أبي عمرو على أنّه لم يبلغه ، ويحتمل أن يقال في قراءة من قرأ بفتح العين أن يكون مصدرا سمّي به المكان.
وقرىء شاذّا (١) «بالعدية» بقلب الواو ياء لانكسار ما تقدّمها ، ولا يعتبر الفاصل ؛ لأنّه ساكن ، فهو حاجز غير حصين ، وهذا كما قالوا : «هو ابن عمي دنيا» بكسر الدّال ، وهو من الدنو ، وكذلك : قنية ، وصبية ، وأصله السّلامة ، كالذّروة ، والصّفوة والرّبوة ، وقد تقدّم الكلام على لفظة «الدّنيا».
قوله «القصوى» تأنيث «الأقصى» ، والأقصى : الأبعد ، والقصو : البعد وللصّرفيين عبارتان ، أغلبهما أن «فعلى» من ذوات الواو ، إن كانت اسما أبدلت لامها ياء ، ثم يمثّلون بنحو : الدّنيا ، والعليا ، والقصيا ، وهذه صفات ؛ لأنّها من باب أفعل التّفضيل ، وكأنّ العذر لهم أنّ هذه وإن كانت في الأصل صفات ، إلّا أنّها جرت مجرى الجوامد.
قالوا : وإن كانت «فعلى» صفة أقرّت لامها على حالها ، نحو : الحلوى ، تأنيث الأحلى ونصّوا على أنّ «القصوى» شاذة ، وإن كانت لغة الحجاز ، وأنّ «القصيا» قياس وهي لغة تميم ، وممّن نصّ على شذوذ : «القصوى» يعقوب بن السّكّيت.
وقال الزمخشريّ : وأمّا «القصوى» فكالقود في مجيئه على الأصل ، وقد جاء «القصيا» إلّا أنّ استعمال «القصوى» أكثر ، كما كثر استعمال «استصوب» مع مجيء «استصاب» ، و «أغيلت» مع «أغالت» انتهى.
وقد قرأ زيد (٢) بن عليّ : «بالعدوة القصيا» فجاء بها على لغة تميم ، وهي القياس عند هؤلاء.
والعبارة الثانية ـ وهي القليلة ـ العكس ، أي : إن كانت صفة أبدلت ، نحو : العليا والدّنيا ، والقصيا ، وإن كانت اسما أقرّت ؛ نحو «حزوى» ؛ كقوله : [الطويل]
٢٧١٣ ـ أدارا بحزوى هجت للعين عبرة |
|
فماء الهوى يرفضّ ، أو يترقرق (٣) |
وعلى هذا ف «الحلوى» شاذة ؛ لإقرار لامها مع كونها صفة ، وكذا «القصوى» أيضا ، عند هؤلاء ؛ لأنها صفة وقد ترتّب على هاتين العبارتين أنّ «قصوى» على خلاف القياس فيهما وأن «قصيا» هي القياس ؛ لأنها عند الأولين من قبيل الأسماء ، وهم يقلبونها ياء وعند الآخرين من قبيل الصفات ، وهم يقلبونها أيضا ياء ، وإنّما يظهر الفرق في «الحلوى» و «حزوى» ف : «الحلوى» عند الأولين تصحيحها قياس ، لكونها صفة ، وشاذة
__________________
(١) ينظر : الكشاف ٢ / ٢٢٣ ، البحر المحيط ٤ / ٤٩٥ ، الدر المصون ٣ / ٤٢٢.
(٢) ينظر : الكشاف ٢ / ٢٢٣ ، البحر المحيط ٤ / ٤٩٥ ، الدر المصون ٣ / ٤٢٢.
(٣) تقدم برقم ٦٤٤.