عند الآخرين ، لأنّ الصفة عندهم تقلب واوها ياء. و «الحزوى» عكسها ، فإنّ الأولين يقلبون في الأسماء ، دون الصفات ، والآخرون عكسهم. وهذا موضع حسن ، يختلط على كثير من النّاس ، فلذلك شرحناه.
ونعني بالشذوذ : شذوذ القياس ، لا شذوذ الاستعمال ، ألا ترى إلى استعمال التواتر ب «القصوى».
قوله «والرّكب أسفل منكم» الأحسن في هذه الواو ، والواو التي قبلها الداخلة على «هم» : أن تكون عاطفة ما بعدها على «أنتم» ؛ لأنّها مبدأ تقسيم أحوالهم ، وأحوال عدوّهم ويجوز أن يكونا واوي حال ، و «أسفل» منصوب على الظّرف النّائب عن الخبر ، وهو في الحقيقة صفة لظرف مكان محذوف ، أي : والرّكب مكانا أسفل من مكانكم.
وقرأ زيد (١) بن عليّ «أسفل» بالرّفع ، على سبيل الاتّساع ، جعل الظرف نفس الركب مبالغة واتساعا.
وقال مكيّ : «وأجاز الفرّاء ، والأخفش ، والكسائي رحمهمالله تعالى «أسفل» بالرّفع على تقدير محذوف ، أي : موضع الرّكب أسفل» ، والتخريج الأوّل أبلغ في المعنى ، والرّكب : اسم جمع ل : «راكب» لا جمع تكسير له ؛ خلافا للأخفش ؛ كقوله : [الرجز]
٢٧١٤ ـ بنيته من عصبة من ماليا |
|
أخشى ركيبا ورجيلا عاديا (٢) |
فصغّره على لفظه ، ولو كان جمعا لما صغّر على لفظه.
قوله «ولكن ليقضي» متعلّق بمحذوف ، أي : ولكن تلاقيتم ليقضي ، وقدّر الزمخشريّ ذلك المحذوف فقال : «أي : ليقضي الله أمرا كان واجبا أن يفعل ، وهو نصر أوليائه وقهر أعدائه دبر ذلك» ، و «كان» يحتمل أن تكون على بابها من الدلالة على اقتران مضمون الجملة بالزّمان الماضي ، وأن تكون بمعنى «صار» ، فتدلّ على التحوّل ، أي : صار مفعولا بعد أن لم يكن كذلك.
قوله «ليهلك» فيه أوجه :
أحدها : أنّه بدل من قوله : «ليقضي الله» بإعادة العامل فيتعلّق بما تعلّق به الأول.
الثاني : أنّه متعلّق بقوله «مفعولا» ، أي : فعل هذا الأمر لكيت وكيت.
الثالث : أنّه متعلّق بما تعلّق به «ليقضي» على سبيل العطف عليه بحرف عطف محذوف ، تقديره : وليهلك ، فحذف العاطف ، وهو قليل جدّا ، وتقدّم التنبيه عليه.
__________________
(١) ينظر : البحر المحيط ٤ / ٤٩٦ ، الدر المصون ٣ / ٤٢٣.
(٢) البيت لأحيحة بن الجلاح ينظر : الخزانة ٣ / ٣٥٩ المقرب ٢ / ١٢٧ المنصف ٢ / ١٠١ شرح المفصل ٥ / ٧٧ شرح شواهد الشافية ١٤٩ ـ ١٥٠ ، واللسان [رجل] والدر المصون ٣ / ٤٢٣.