وقد تقدّم بحث في (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ) ، وهو أنّه ليس من باب العطف على الضّمير لمانع ذكر ثمّ.
و «قبيله» المشهور قراءته بالرّفع نسقا على الضّمير المستتر ، ويجوز أن يكون نسقا على اسم «إنّ» على الموضع عند من يجيز ذلك ، ولا سيّما عند من يقول : يجوز ذلك بعد الخبر بإجماع.
ويجوز أن يكون مبتدأ محذوف الخبر فتحصّل في رفعه ثلاثة أوجه.
وقرأ اليزيديّ (١) «وقبيله» نصبا ، وفيها تخريجان :
أحدهما : أنّه منصوب نسقا على اسم «إنّ» لفظا إن قلنا : إنّ الضّمير عائد على «الشّيطان» ، وهو الظّاهر.
والثاني : أنّه مفعول معه أي : يراكم مصاحبا لقبيله.
والضّمير في «إنّه» فيه وجهان :
الظّاهر منهما كما تقدّم أنه للشّيطان.
والثاني : أن يكون ضمير الشّأن ، وبه قال الزّمخشريّ ، ولا حاجة تدعو إلى ذلك.
والقبيل : الجماعة يكونون من ثلاثة فصاعدا من جماعة شتّى ، قاله أبو عبيد وجمعه قبل ، والقبيلة : الجماعة من أب واحد ، فليست القبيلة تأنيث القبيل لهذه المغايرة.
وقال ابن قتيبة (٢) : قبيله : أصحابه وجنده ، وقال : «هو وقبيله» أي هو ومن خلق من قبله.
قال القرطبيّ (٣) : قبيله : جنوده.
وقال مجاهد : يعني الجنّ والشّياطين (٤).
وقال ابن زيد : نسله (٥) ، وقيل : خيله.
قوله : (مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ) «من» لابتداء غاية الرؤية و «حيث» ظرف لمكان انتفاء الرّؤية ، و «لا ترونهم» في محلّ خفض بإضافة الظّرف إليه ، هذا هو الظّاهر في إعراب هذه الآية.
ونقل عن أبي إسحاق (٦) كلام مشكل ، نذكره لئلّا يتوهّم صحّته من رآه.
__________________
(١) ينظر : البحر المحيط ٤ / ٢٨٥ ، والدر المصون ٣ / ٢٥٥ ، والكشاف ٢ / ٩٨.
(٢) ينظر الرازي ١٤ / ٤٥.
(٣) ينظر : تفسير القرطبي ٧ / ١٢٠.
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٥ / ٤٦٣) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ١٤٢) وزاد نسبته لابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
(٥) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٥ / ٤٦٣) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ١٤٢) وعزاه لابن أبي حاتم.
(٦) ينظر : معاني القرآن ٢ / ٣٦٣.