بوجهين : احدهما ان المعنى المستفاد من الهيئة (*٣٤) وان كان حين استعمالها فيه لا يلاحظ إلّا تبعا لكن بعد استعمالها يمكن ان يلاحظ بنظرة ثانية ويلاحظ فيه الاطلاق او التقييد ، والثاني ورود الاطلاق والتقييد (*٣٥) بملاحظة محله ، مثلا ضرب زيد اذا تعلق به الطلب المستفاد من الهيئة يتكيف بكيفية خاصة في الذهن ، وهي كيفية المطلوبية ، فضرب زيد بهذه الملاحظة قد يلاحظ فيه الاطلاق ويلزم منه كون الطلب الطاري عليه مطلقا ، وقد يلاحظ فيه الاشتراط واللازم من ذلك كون الطلب ايضا مشروطا.
ولنا في المقام مسلك آخر وهو ان المعنى المستفاد من الهيئة لم يلاحظ فيه الاطلاق ـ في الوجوب المطلق ـ ولا الاشتراط ـ في الوجوب المشروط ـ ولكن القيد الماتى به في القضية تارة يعتبر على نحو يتوقف تاثير الطلب على وجوده في الخارج ، ويقال لهذا الطلب الطلب المشروط ، اى تاثيره في المكلف موقوف على شيء ، واخرى يعتبر على نحو يقتضى الطلب ايجاده ، ويقال لهذا الطلب المتعلق بذلك المقيد الطلب المطلق ، اي لا يبتني تاثيره في المكلف على وجود شيء ، وتوضيح ذلك ان الطالب قد يلاحظ الفعل المقيد ويطلبه اي يطلب المجموع ، وهذا الطلب يقتضى ايجاد القيد ان لم يكن موجودا ، كما في قوله صل مع الطهارة ، وقد يلاحظ القيد موجودا في الخارج ، اي يفرض في الذهن وجوده في الخارج ، ثم بعد فرض وجوده في الخارج ينقدح في نفسه الطلب ، فيطلب المقيد بذلك القيد المفروض وجوده ، فهذا الطلب المتعلق بمثل هذا المقيد المفروض وجود قيده وان كان متحققا فعلا بنفس الانشاء لكن تاثيره في المكلف يتوقف على وجود ذلك القيد المفروض وجوده حقيقة ، ووجهه ان هذا الطلب انما تحقق مبنيا على فرض وجود الشيء ، وهذا الفرض في لحاظ الفارض حاك عن حقيقة وجود ذلك الشيء ، فكانه طلب بعد حقيقة وجوده ، فكما انه لو طلب بعد وجود ذلك الشيء المفروض وجوده حقيقة ما اثر الطلب في المكلف الا بعد وجود ذلك الشيء واقعا لعدم الطلب قبله كذلك لو طلب بعد فرض وجوده لم يؤثر الا بعد