ثم ان الثاني على انحاء : تارة يقتضى ايجاد متعلقه بعد تحقق ذلك الشيء المفروض وجوده في الخارج ، كما في مثال اكرم زيدا ان جاءك ، واخرى يقتضى ايجاده مقارنا له (١) كما في ارادة الصوم مقارنا للفجر الى غروب
__________________
(١) لا يخفى ان الشرط اذا كان امرا زمانيا ممتدا كسير الشمس قدر نصف القوس مثلا فلا يمكن جعله شرطا للطلب باعتبار وجوده الخارجي مع ملاحظة اقتران الفعل المامور به به او سبق الفعل عليه ، فان ملاحظته بوجوده الخارجي يقتضى الفراغ عنه ، ومع الفراغ عن وجوده لا يبقى للفعل محل ، فلا بد في امثال ذلك من ملاحظته باعتبار وجوده الاستقبالى شرطا ، بمعنى ان الشرط كون الشمس مثلا بحيث تسير هذا المقدار من المسافة ، فإما يطلب الفعل قبل شروعها بالسير واما مقارنا له ، لكن هذا المعنى لا يصحح الترتب المقصود تصحيحه في مسألة الامر بالضدين.
بيان ذلك ان ترك الاهم بمقدار نصف ساعة مثلا لو جعل بتحققه الخارجي شرطا للامر بالمهم يلزم خلاف المقصود ، اذ لازمه الفراغ الذهني عن مضى نصف الساعة ، والمقصود فعل المهم في ذلك النصف ، ولو جعل بوجوده الاستقبالي شرطا بمعنى ان يقال : «ان كنت ممن يترك في المستقبل فعل الاهم في نصف ساعة فافعل في ذلك النصف الضد المهم» فلازمه طلب الجمع بين الضدين ، اذ طلب الاهم موجود والمفروض اجتماعه مع طلب المهم.
فان قلت : اطلاق الامر لا يمكن ان يشمل حال عصيانه فلا يمكن ان يقال : ايها الذي يعصى افعل ولا تعص ، فاذا خرج عنوان من يعصى الامر بالاهم عن تحت اطلاقه فلا مانع من مجيء الامر بالمهم.
قلت : وان كان لا يصح تعلقه بهذا العنوان لكن تعلقه بالذات الواقعة تحت هذا العنوان صحيح ، بمعنى ان المكلف الذي في علم الله سبحانه يكون ممن يعصى ليس خارجا عن التكليف ، كيف وإلّا يلزم خروج العصاة عن تحت عامة التكاليف وحينئذ فيلزم طلب الجمع من هذه الذات احد الطلبين متعلق بذاته والآخر بعنوانه.
فان قلت : فما الحيلة في تصحيح الامر بالضدين في زمان واحد بعد بطلان طريقة الترتب المذكور؟
قلت : طريق تصحيحه ، ان نقول : الفعل الزماني المحتاج الى مقدار نصف ساعة من الزمان مثلا لا يكون تركه زمانيا ومحتاجا الى الزمان ، بل هو نظير الفصل والوصل من الامور الحاصلة