من وجه ، فكذا يصح فيما اذا كان عموم مطلق ، سواء كان من قبيل قولك : صل ، ولا تصل في الدار المغصوبة ، او لم يكن كذلك ، والمسئول عنه في المسألة الآتية هو ان النهى المتعلق بشيء هل يستفاد منه ان ذلك الشيء ممّا لا يقع به الامتثال؟ حيث ان المستفاد من اطلاق الامر حصول الامتثال باى فرد كان ، فالمطلوب فيها هو استعلام أن النهي المتعلق بفرد من افراد المامور به هل يقتضى رفع ذلك الترخيص الوضعى المستفاد من اطلاق الامر أو لا؟ ولا ريب ان هذه القضية كما يصح الاستفسار عنها فيما اذا كان بين المتعلقين اطلاق وتقييد فكذلك يصح فيما اذا كان بينهما عموم من وجه كما اذا كان بينهما عموم مطلق ، وبالجملة : فالظاهر ان اختلاف المورد لا يصير وجها لاختلاف المسألتين كما زعموا ، بل لا بد من اختلاف جهة الكلام «انتهى موضع الحاجة من كلامه ، قدسسره» (١).
اقول : والحق ان العنوانين لو كانا بحيث اخذ احدهما في الآخر وكان بينهما عموم مطلق ايضا لا يتطرق فيهما هذا النزاع ؛ وتوضيحه : انه لا اشكال في تغاير المفاهيم بعضها مع الآخر في الذهن ، سواء كان بينهما عموم مطلق او من وجه او غيرهما ، وسواء كان احدهما ماخوذا في الآخر ام لا ، إلّا انه لا يمكن ان يقال فيما اذا كان بين المفهومين عموم مطلق وكان احدهما مشتملا على الآخر : ان المطلق يقتضى الامر والمقيد يقتضى النهي ، لان معنى اقتضاء الاطلاق شيئا ليس إلّا اقتضاء نفس الطبيعة ، اذ لا يعقل الاقتضاء لصفة الاطلاق ، والمقيد ليس إلّا نفس تلك الطبيعة منضمة الى بعض الاعتبارات ، ولو اقتضى المقيد شيئا منافيا للمطلق لزم ان يقتضى نفس الطبيعة امرين متنافيين.
وبعبارة اخرى : بعد العلم بان صفة الاطلاق لا تقتضى تعلق الحب بالطبيعة ، فالمقتضى له نفسها ، وهى متحدة في عالم الذهن مع المقيد ، لانها مقسم له وللمطلق ، فلو اقتضى المقيد الكراهة لزم ان يكون المحبوب والمبغوض
__________________
(١) مطارح الأنظار ، الهداية الثانية من بحث اجتماع الامر والنهى ، ص ١٢٨