قلت : الاحكام الشرعية التى تدل عليها الادلة على قسمين : تارة يستظهر من الادلة انها احكام فعلية تعلقت بالموضوعات بملاحظة جميع الخصوصيات والضمائم واخرى يستظهر منها احكام حيثيّة تعلقت بموضوعاتها من حيث هي اعنى مع قطع النظر عن الضمائم الخارجية ، وما يكون من قبيل الثاني يتوقف فعليته على عدم عروض مانع للعنوان يقتضى خلاف ذلك الحكم الجاري عليه ، نظير قوله : «الغنم حلال» فانّ الحلّيّة وان كانت مجعولة ، إلّا أنّ هذا الجعل لا يلازم الفعليّة في جميع افراد الغنم ، فان الغنم الموطوءة او المغصوبة حرام مع كون الغنم من حيث الطبع حلالا ، وليس اطلاق الحلال على طبيعة الغنم مع كون بعض افرادها حراما جاريا على خلاف الاصطلاح ، بل يصح اطلاق الحلال بالمعنى المذكور على خصوص الفرد الحرام ايضا ، اذ المعنى ان هذا الفرد مع قطع النظر عن كونه مغصوبا مثلا حلال.
اذا عرفت ما ذكرنا فنقول : اطلاق المكروه على الوجود الذي يكون فعلا مصداقا للواجب لاتحاده معه نظير اطلاق الحلال على الفرد المجامع مع الحرام من الغنم ، بمعنى ان هذا الوجود مع قطع النظر عن اتحاده مع الواجب يكون مكروها هذا.
واما اول القسمين ؛ من الثاني اعنى ما اذا تعلق النهي بالعبادة مع خصوصية زائدة ، كالصلاة في الحمام ، فمحصل الكلام فيه ان النهى المتعلق بتلك العبادة الخاصة لا بدّ وان يرجع الى نفس الخصوصية اعنى كونها في الحمام ، وقد مر بيانه في مقدمات المبحث ، فحينئذ نقول : هذا النهى اما لبيان الكراهة الذاتية لهذه الخصوصية وان لم يكن وصف الكراهة الفعلية موجودا نظير ما قدمنا فيكون اللازم كون هذا الفرد اقل ثوابا من ساير الافراد ، وعلى هذا يكون هذا النهى مولويا يستفاد منه الكراهة الشرعية ، واما ان يحمل على الارشاد وترغيب المكلف الى اتيان فرد آخر من الطبيعة يكون خاليا عن المنقصة ويستكشف الكراهة الذاتية منه بطريق الإنّ.