وأمّا ثاني القسمين ؛ وهو ما اذا تعلق النهي بالعبادة ولا بدل لها ، كالصوم في يوم عاشوراء وامثاله ، فيشكل الامر فيه من حيث ان حمل النهي فيه على بيان الكراهة الذاتية مع الالتزام بكونه راجحا ومستحبا فعليا ينافي التزام الائمة عليهمالسلام بتركه وامرهم شيعتهم بالترك ايضا ، وحمله على الارشاد يستلزم الارشاد الى ترك المستحب الفعلى من دون بدل ، والقول بكونه مكروها فعلا ينافي كونه عبادة.
والذي يمكن ان يقال في حلّ الاشكال امران :
احدهما : ما افاده سيدنا الاستاذ «نور الله مضجعه» وهو ان يقال : برجحان الفعل من جهة انه عبادة ورجحان الترك من حيث انطباق عنوان راجح عليه ، ولكون رجحان الترك اشد من رجحان الفعل غلب جانب الكراهة وزال وصف الاستحباب ، ولكن الفعل لما كان مشتملا على الجهة الراجحة لو اتى به يكون عبادة ، اذ لا يشترط في صيرورة العمل عبادة وجود الامر ، بل يكفى تحقق الجهة فيه على ما هو التحقيق ، فهذا الفعل مكروه فعلا لكون تركه ارجح من فعله ، واذا اتى به يقع عبادة لاشتماله على الجهة.
ويشكل بان العنوان الوجودي لا يمكن ان ينطبق على العدم ، لان معنى الانطباق هو الاتحاد في الوجود الخارجي ، والعدم ليس له وجود.
والثاني : ان يقال : ان فعل الصوم راجح ، وتركه مرجوح ، وارجح منه تحقق عنوان آخر لا يمكن ان يجتمع مع الصوم ويلازم عدمه ، ولما كان الشارع عالما بتلازم ذلك العنوان الارجح مع عدم الصوم نهى عن الصوم للوصلة الى ذلك العنوان ، فالنهى على هذا ليس إلّا للارشاد ولا يكون للكراهة ، اذ مجرد كون الضد ارجح لا يوجب تعلق النهى بضده الآخر ، بناء على عدم كون ترك الضد مقدمة ، كما هو التحقيق ، ولعل السر في الاكتفاء بالنهى عن الصوم بدلا عن الامر بذلك العنوان الارجح عدم امكان اظهار استحباب ذلك العنوان ، هذا.
ومما ذكرنا يظهر الجواب عن النقض بالواجبات التي تعرض عليها جهة