كربلاء المشرّفة ، وأقام بها حوالي ثمان سنوات ، وأكمل بقيّة المباحث الاصوليّة طيلة إقامته هناك وكان ناظرا في تلك المباحث إلى ما أفاده المحقّق الخراساني في الكفاية وكانت مطبوعة حينذاك ، ثمّ هاجر هجرة ثانية إلى إيران بلدة أراك ، بدعوة العلّامة الحجّة الحاج السيّد إسماعيل ابن المرحوم آية الله الحاجّ الآغا محسن الأراكي «قدسسرهما» وأنشأ مجدّدا حوزة علميّة ، وأفاد إفادات كثيرة مدة ثمان سنوات تقريبا ، ثمّ هاجر في سنة ١٣٤٠ ه. ق. إلى بلدة قم المشرّفة ، وأسّس بها الحوزة العلميّة المباركة.
حوزته في قم المقدّسة : وقال صاحب أعيان الشيعة : ثمّ زار (أي الشيخ عبد الكريم رحمهالله) مدينة قم المباركة ، فاتّفقت رغبات جماعة من أهلها وغيرها على إقامته فيها ، فسألوه ذلك ، فأجابهم وبقى هناك مشتغلا بالتدريس وسائر الامور الدينيّة ، فتقاطر إليه الطلّاب من كلّ حدب وصوب ، وغصّت بهم المدارس حتى زاد عدد الطلّاب والعلماء على الألف ، وقام بأعباء تنظيم دراستهم وإعاشتهم ، واتّخذ في تربية الطلبة وتعليمهم مسلكا صحيحا على أتقن نظام وأحسن أسلوب ، حاز شيئا كثيرا من القبول عند العامّة والخاصّة (١).
وفي «طبقات أعلام الشيعة» : هبط (المترجم له) مدينة قم المشرّفة في شهر رجب سنة ١٣٤٠ ه ، فنظّم من كان فيها من طلّاب العلم تنظيما عاليا وأعلن عن عزمه على جعلها مركزا علميّا يكون له شأنه في خدمة الإسلام وإشادة دعائمه ، وطفقت الحقوق الشرعيّة والهبات تتوالى عليه من شتى مدن إيران فوسّع العطاء على الطّلاب والعلماء وبذل عليهم بسخاء ، وسنّ نظاما للدراسة وقرّر ترتيبا مقبولا للإشراف على تعليم الطلّاب وإجراء الامتحان السنوي ، وأكثر من الترغيب بغية اجتذاب الناس وإدخال من يرغب في الحوزة العلمية ، والناس ـ بحمد الله ـ منذ ذلك الحين ذو عقيدة راسخة وإيمان ثابت واهتمام بشأن الدين ورجاله واحترام لحملته وطلّابه ، وقد أبدى في كل ذلك كياسة وكفاءة ، ودلّل على عقليّة جبّارة ، ونفس كبيرة ، وصدر رحب ولم يكن ليكنز الأموال الطائلة من الحقوق الشرعيّة عنده وتحت يده ، بل ائتمن بعض
__________________
(١) ـ أعيان الشيعة : ج ٨ ، ص ٤٢ ، طبعة دار التعارف.