وصيرورته قابلا للمخاطبة لا اشكال فيه ، فيكون حال النداء المشروط بوجود المنادى ـ بالفتح ـ كالوجوب المشروط بوجود من يجب عليه ، نعم نفس هذا النداء الصادر في زمان عدم وجود المنادى ـ بالفتح ـ لا يمكن ان يكون موجبا لتفهيمه حتى في زمان وجوده ، لعدم ثباته وبقائه في الخارج الى ذلك الزمان ، بل يحتاج الى شيء آخر يحكى عنه ، كالكتابة التى تبقى الى حال وجوده ، ومثل ذلك.
اذا عرفت ذلك فنقول : لو كان الكلام في التكليف للمعدوم على نحو الاطلاق وكذا الخطاب لهم بغرض التفهيم فعلا فلا اشكال في عدم امكانه عقلا ، وان كان على نحو آخر مر بيانه فالظاهر ايضا عدم الاشكال في امكانه ، واما دلالة الفاظ الكتاب العزيز على شمول التكليف والخطابات للمعدومين ايضا على نحو ما تصورنا فلا يبعد دعواها ، حيث انزل لانتفاع عامة الناس إلى يوم القيمة ، وما كان هذا شأنه بعيد جدا ان يكون خطاباته والتكاليف المشتمل هو عليها مختصة بطائفة خاصة ، ثم علم من الخارج اشتراك سائر الطوائف معها في التكليف فتدبر.
ثم انهم ذكروا لعموم الخطابات الشفاهية ثمرتين :
إحداهما ، حجيّة ظهور خطابات الكتاب لنا ايضا كما انّها حجة للمشافهين.
وفيه اولا ان هذا مبنى على اختصاص حجية الظواهر بمن قصد افهامه كما يظهر من المحقق القميّ «قدسسره» وقد ذكر في محله عدم صحة المبنى ، وثانيا لا ملازمة بين كون المشافهين مخصوصين بالخطاب وكونهم مخصوصين بالافهام ، بل الناس كلهم مقصودون بالافهام الى يوم القيمة وان قلنا بعدم شمول الخطاب الا لخصوص المشافهين.
الثانية ، صحة التمسك باطلاق الكتاب لمن وجد وبلغ منا وان كان مخالفا في الصنف مع تمام المشافهين ، وتقريب ذلك انه لو خصصنا الخطابات الواردة في القرآن العزيز بهم فلا بد في اثبات التكاليف الواردة فيه لنا من التمسك