وحيث لا ترجيح لاحدها لاشتراك الكل في مخالفة الظاهر فيتحقق الاجمال ، وان كان الاحراز من جهة وحدة السبب فيتعين التقيد ، ولا وجه للتصرف في المقيد باحد النحوين ، فانه اذا فرض كون الشيء علة لوجوب المطلق فوجود القيد اجنبى عن تأثير تلك العلّة ، فلا يمكن ان يقال ان وجوب المقيد معلول لتلك فلا بد له من علة اخرى ، والمفروض وحدتها ، وكذا كون الشيء علة لوجوب المطلق ينافى كونه علة الاستحباب للفرد الخاص ، اذ استناد المتباينين الى علة واحدة غير معقول ، هذا.
وقد عرفت مما ذكرنا انه لا بد في حمل المطلق على المقيد من احراز وحدة السبب ، ولا يكفى احراز وحدة التكليف مع عدم احراز وحدة السبب كما ذهب اليه المشهور ، ولعل وجهه ما ذكره شيخنا المرتضى «طاب ثراه» في باب التعادل والتراجيح من انه اذا دار الامر بين التقييد ومخالفة ظاهر آخر فالتقييد اولى ، لان ظهور المطلق متقوم بعدم البيان فبورود ما يصلح للبيانية يصير موهونا (١) ، وفيه ما لا يخفى ، نعم يتم ما ذكروه بناء على ما احتملناه سابقا من المعاملة مع القيود المنفصلة في كلام الشارع معاملة القيود المتصلة في كلام غيره ، لكن اللازم منه سراية الاجمال من المقيد المنفصل المردد بين الاقل والاكثر مفهوما الى المطلق ولا يلتزمون به «تم بالخير».
__________________
(١) الفرائد ، عند البحث عن المرجحات في الدلالة ، طبعة المؤسسة ، ص ٧٩٢. وطبعة رحمة الله ص ٤٥٧.