وتحقق صغراها فنتيجتها ـ وهي الاحكام الشخصية ، مثل ان هذا الفعل واجب بحكم العقل ، او الصلاة في الدار المغصوبة صحيحة بحكم العقل ، او الصلاة في سعة الوقت مع ترك الازالة او الدين المضيق صحيحة بحكم العقل ـ مثمرة بحال الحكم الواقعي من جهة الكشف عن الثبوت وعدمه من باب الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع ، وهكذا قاعدة حجيّة خبر الواحد الثقة بعد الفراغ عن برهانها وقيام خبر الواحد الثقة على اباحة شرب التتن مثلا ، فنتيجتها التي هي حجية هذا الخبر الشخصي التي مرجعها الى اباحة الشرب ، رافعة للعقاب عن المكلف من جهة تكليف لا تشرب على تقدير ثبوته ، وكذا قاعدة الاستصحاب بعد طي طريق اثباتها وتحقق اليقين السابق والشك اللاحق في عدم وجوب فعل مثلا فالنتيجة ـ وهي عدم نقض هذا اليقين الشخصي بهذا الشك الشخصي ـ التي مرجعها الى عدم وجوب هذا الفعل يكون رافعة للعقاب عن المكلف من جهة تكليف افعل على تقدير ثبوته واقعا ، وهكذا سائر القواعد الاصولية ، وهذا بخلاف القواعد الفقهية فان قاعدة حرمة الخمر بعد الفراغ عن ثبوتها وتحقق صغراها ـ وهي كون هذا المائع خمرا ـ فالنتيجة ـ وهي حرمة شرب هذا المائع ـ هي نفس حكم الله الواقعي ، لا كاشفة عن حال حكم آخر مستور تحت الحجاب ، فالمعيار في القواعد الاصولية ان يكون الحكم الشخصي المستفاد من الكبرى ، والصغرى اذا نظرنا الى وجوده في اللوح المحفوظ كان ورائه حكم آخر مستور ، وفي القواعد الفقهية ان يكون الحكم الشخصي المستفاد من الكبرى والصغرى فيها ـ اذا نظرنا الى وجوده في اللوح المحفوظ ـ لم يكن ورائه حكم آخر ، فالوضوء الشيني محكوم بحكم لا يجب بقاعدة لا ضرر ، والفعل المسبوق بعدم الوجوب محكوم ايضا بحكم لا يجب بقاعدة لا تنقض ، ولكن اذا نظرنا الى وجود هذين الحكمين الشخصيين في اللوح المحفوظ وجدنا وراء احدهما حكما آخر اما يجب واما لا يجب ، ولا نجد وراء الآخر شيئا ، والحاصل ان حجيّة خبر الثقة مثلا تطلب لاجل حكم آخر ، واما حرمة شرب الخمر فليست مطلوبة لاجل حكم آخر ، وان كانت حجيّة خبر الثقة في طريقها ماخوذة فلا يوجب ذلك كون حرمة الشرب مطلوبة لاجل حكم آخر ، بل اعمال حجيّة خبر الثقة في طريقها يكون لاجل حكم آخر ، فالقواعد الاصولية لو لم يكن في البين الاحكام الواقعية كانت بلا فائدة رأسا ، وليست هكذا القواعد الفقهية مثل وجوب الصلاة وحرمة الشرب ونحوها ، فانها قواعد مفيدة ، كانت في البين احكام واقعية ام لم تكن.
نعم يبقى على تعريف الكتاب النقض طردا بقاعدة الطّهارة حيث انها قاعدة معمولة في الشبهات الحكمية ، مع انها ليست مدونة في الاصول ، وبعامة الاصول العملية الجارية في الشبهات الموضوعية ، او الامارات كذلك ومنها اصالة الصحة وقاعدة الفراغ وقاعدة اليد