يتمشى ايضا في حجية الظواهر اذ ليس البحث عن خصوص ظواهر الكتاب والسنة بل يعم كلمات سائر الموالى بل غيرهم نعم المقصود معرفة حال خصوص الفاظ الكتاب والسنة ، لكن الكلام في موضوع البحث لا موضوع الغرض ، هذا.
وقد اورد عليه «قدسسره» في الكفاية (١) بما حاصله انه لو اريد بالثبوت الثبوت الوجداني يخرج البحث عن المسائل لان المسائل يبحث فيها عن الاحوال اللاحقة للموضوع بعد الفراغ عن اصل ثبوته ووجوده ، واما البحث عن اصل ثبوت الموضوع وانتفائه فداخل في المبادى ، ولو اريد به الثبوت التعبدي فالمراد به ليس إلّا وجوب العمل ، والاصولي لا يبحث عن وجوب العمل بالسّنّة الواقعية ، فانه راجع الى كون الامام عليهالسلام مفترض الطاعة ، والبحث عنه شأن الكلامي لا الاصولي ، فما هو شأنه البحث عن وجوب العمل بخبر الواحد الحاكي للسنة ، وهذا. وان كان من المسائل لكن ليس عارضا للسنة بل للخبر.
واجاب عنه شيخنا الاستاذ «دام ظله» بان لنا اختيار الشق الاول والمنع عن لزوم كون المسألة بحثا عن العوارض اللاحقة للموضوع بعد الفراغ عن وجوده ، كيف؟ وعمدة البحث في علم الكلام عن وجود الصانع ووجود المعاد ، ولا داعي الى ارجاع البحث الى ان الموجود هل يكون منه الواجب اولا؟ او منه المعاد اولا؟ بل نقول : اي مانع عقلي او غير عقلي يمنع عن تشكيل علم يبحث فيه عن اصل وجود شيء في العالم وعدمه؟ واي شيء يمنع عن عدّ مثل هذا البحث علما ، ولنا اختيار الشق الثاني وما ذكره «قدسسره» من لزوم ارجاع المحمول الى الخبر وعدم امكان جعله للسنة غير لازم ، فان وجوب العمل بالخبر الحاكي اذا كان بعنوان الطريقية كما هو المفروض كان مقتضاه رفع التحيّر عن مؤداه ، بمعنى انه يصح ان يقال : انه قام على المودى وهو السنة الواقعية طريق معتبر حجة فيبحث على هذا عن ان السنة الواقعيّة هل تصير مما قام عليه الطريق الحجة بقيام الخبر الواحد عليها اولا ، وبالجملة للوجوب المذكور اضافتان احداهما الى الحاكي وهي كونه كالمحكي واجب العمل ، والاخرى الى المحكى وهي خروجه عن التحيّر وعدم الطريق اليه ، وحينئذ فاختيار الامر بيدنا ، ألا ترى انه كما يمكن ان يقال ، هل قول المرأة برؤية الهلال حجة اولا؟ كذلك يمكن ان يقال : هل الهلال يثبت شرعا بقول المرأة أو لا؟ وكذلك في المقام كما يمكن ان يقال : هل خبر الواحد حجة اولا؟ يمكن ان يقال هل السنة الواقعية تثبت تعبدا بخبر الواحد او لا؟ فالمراد بالسنّة ليس السنة المفروغ عن وجودها ، بل مفهومها ، كما هو الحال في قولنا : الهلال يثبت شرعا «الخ».
__________________
(١) الكفاية ، الامر الاوّل من المقدمة ، ج ١ ، ص ٦ و ٩.