فان قلت : نفرض جعل العلاقة بين اللفظ والذات المتصورة بالمعنى الحرفي.
قلت : غاية الامر انه حينئذ يوجب انتقال السامع الى تصور المتكلم اياه ، واما تصديقه بوجوده في نفس المتكلم فلا موجب له فالمحيص منحصر في القول بصدور تعهد من الواضع بالارادة عند التلفظ ، فانه يوجب تصديق المطلع عليه بارادته المعنى من اللفظ على حسب تعهده ، والحاصل ان ذات انشاء الوضع خاليا عن التعهد لا تترتب عليها النتيجة المذكورة ، ولا يمكن ان يقال : فعله بقصد ترتب هذه النتيجة يوجب ترتبها ، فان غاية الشيء لا بد من ترتبها على نفسه مع قطع النظر عن قصد القاصد اياه لاجلها ، وهذا بخلاف التعهد فانه موجب لترتب المتعهد به على الشيء المتعهد عنده ، كما هو امر واقع بحكم الوجدان.
(*٦ ، ص ٣٦) قوله «دام ظله» والحاصل انه كما يمكن ان يكون العام وجها «الخ» قد يقال : ان معنى جعل العام وجها للافراد ملاحظتها بنفس ملاحظة العام لا بلحاظ آخر عقيب لحاظ العام ، وفيه ان العام مغاير للافراد في ظرف الذهن والتحليل ، وان كانا متحدين في الخارج ، ولا يخفى ان الوضع يكون بازاء الموجود في الذهن عند تعريته عن كلا الوجودين وعن العدم ، وحينئذ فكيف يمكن لحاظ احد المتغايرين بلحاظ الآخر؟ وهل هو الا الخلف في تغايرهما؟ فالحق ان يقال : ان للافراد ملاحظتين ، ملاحظتها بالصورة التفصيلية ، وملاحظتها بوجه اجمالي ببركة العام بمعنى جعل العام معيارا وضابطا ، بان نلاحظه بما هو ثم نشير الى كلّ ما هو فرد لهذا المفهوم ، فالوجه الاجمالي ليس هو مفهوم العام بل مفهوم ما هو مندرج تحته ، وعلى هذا فمثل ذلك متأت في جانب الخاص ايضا ، فانه يقال ان للعام ملاحظتين : ملاحظته بصورته التفصيلية وملاحظته بوجهه الاجمالي على النحو المتقدم في العكس ، مثاله ما لو راينا شبحا من البعيد ولم نعلم انه انسان أو بقر او فرس بل او شجر او حجر فعند تجريده عن الخصوصيات الفردية تحصل في الذهن صورة اجمالية ، وهو ما يكون نوعا لهذا ، فالتجريد في مثل زيد وعمرو واشباههما من الافراد المعلومة النوع يوجب ملاحظة النوع تفصيلا ، وفي مثل الشبح والجزئي الغير المعلوم النوع يوجب ملاحظته اجمالا فقد صار الجزئي هاهنا آلة ملاحظة الكلي ، بمعنى ملاحظته بعنوان ما هو نوع لهذا ، كما كان الكلي آلة للحاظ الجزئي هناك بمعنى ملاحظته بعنوان ما هو فرد لهذا.
ثمّ على فرض القول بان العام في الفرض السابق وجه ومرآة للافراد نقول بامكان مثله في هذا الفرض ايضا ، فان جهة وجهية العام ليس إلّا الاتحاد الخارجي ، وهو مشترك فيما بين الطرفين ، فكما يمكن جعل ذلك المتحد مرآة لهذا المتحد بملاك الاتحاد كذلك يمكن العكس بعين تلك الجهة.