الاستقلال ، وذلك لان بعض المعاني لم توجد في حقيقتها التبعية للغير في ايّ موطن تحقق ، وهذا مثل القيام ، فانه في الخارج لا توجد الا تبعا للمحل ، واما في الذهن فيمكن ان يوجد منفكا عن المحل ، وبعض المعاني يكون المأخوذ في ماهيتها التبعية في اي موطن تحقق ، ومن هذا القبيل الاضافات ، فالابوة لا يمكن تعقلها بدون تعقّل الذاتين المنتسبين ، والظرفية لا يمكن تعقلها بدون تعقل ذات الظرف والمظروف ، فاي فرق بين هذه المعاني الاضافية الاسمية وبين المعاني الحرفية.
قلت : فرق بين التعقل مع التعقل وبين التعقل في ضمن التعقل ، فالمحقق في الاضافات هو الاول والمتحقق في المعاني الحرفية هو الثاني ، فالمعنى الحرفي قائم بالغير ومندك فيه ، والاضافة ملحوظة بالاستقلال غاية الامر يتوقف تعقله على تعقل شيء آخر.
فان قلت : كيف يمكن انتزاع المفهومين ، مع ان منشأ الانتزاع شيء واحد خارجي ؛ وليس في البين شيئان خارجيان.
قلت : اما المعنى الاندكاكي فهو ينتزع عن الاشياء الخارجية بتجريدها عن الخصوصيات مع حفظ وصف اندكاكها في محل ما ، واما المعنى الاستقلالي فهو ينتزع عن المعاني الاستقلالية الجزئية المنتزعة عن الذوات الخارجية مع تجريدها عن وصف اندكاكها ، ولا يلزم ان يكون منشأ الانتزاع امرا خارجيا دائما ، ألا ترى ان الفوقية امر اعتباري وهو جزء لمنشا انتزاع الفوق ، فانه ينتزع عن الذات والفوقية ، وتمام منشأ انتزاع الفوقية الكلية هو الفوقيات الجزئية.
(*١١ ، ص ٣٨) قوله «دام ظله» ومن هنا تعرف انّ الحروف التي معانيها انشاءات ، الى قوله «دام ظله» وهكذا الكلام في هيئة افعل ونظائرها مما يتضمن معنى الانشاء «الخ» اعلم ان المعاني الحرفية على ثلاثة اقسام : الاول ما تقدم بيانه من المعاني التصورية ، الثاني المعاني الانشائية مثل ما وضع له هيئة افعل من الطّلب الخارجي الذي خارجه النفس ، بحيث لو لم يكن موجودا لزم كونها بلا معنى ، واما القسم الاول فهو كلي صادق على الذهن والخارج والموجود والمعدوم ، الثالث ما كان من قبيل الاشارة التي هي جزء معنى اسماء الاشارة ، وهذا ايضا من سنخ القسم الثاني إلّا ان اللفظ وضع لمعنى مركب من معنى تصوري اسمي ومن المعنى الحرفي المذكور.
وعلى كلّ حال فالشبهة في جزئية هذه المعاني هي ان المعاني الانشائية وجودات خارجية ، والوجود الخارجي لا يكون إلّا جزئيا.
والجواب ان الطلب مثلا لو وجد في الخارج وان كان محفوفا بالخصوصيات كالزمان والمكان والمتعلق والطالب والمطلوب منه إلّا ان شيئا من هذه الخصوصيات لا دخل له في