حقيقة الطلب اصلا ، فهيئة الامر موضوعة لحقيقة وجود الطلب فقط ، والخصوصيات خارجة عن معناها ، وبعبارة اخرى الطبيعة منفكة عن الخصوصيات الفردية لا توجد في الخارج ابدا ، ولا شك ان حال تلك الخصوصيات حال اصل الطبيعة في عدم دخل شيء من الوجود والعدم في ماهيتها ، ولهذا يصح زيد موجود وزيد معدوم مثلا ، فاذا اضيف الوجود الى الطبيعة في الخارج فلا محالة يكون له اضافتان : اضافة الى اصل الطبيعة ، واخرى الى الخصوصيات الفردية ، ففيما نحن فيه قد الغى جهة اضافته الى الخصوصيات ووضع اللفظ له بلحاظ اضافته الى اصل الطبيعة ، فنقول : ان وجود اصل الطلب بل كل طبيعة وان كان لا يقبل الاتصاف بالكلية والجزئية ، لانه خارجي وهما من عوارض الذهني ، ولكن مرادنا بالكلية انه متى دخل صورته في الذهن تتصف بالكلية.
فان قلت : الماهية اذا اخذت متقيدة بحقيقة الوجود فهي جزئية ، لان الوجود مساوق للتشخص.
قلت ليس المعتبر شخص الوجود ، بل جامع الوجود ، ولا نسلّم ان الوجود مطلقا مساوق للتشخص : توضيحه ان تعدد افراد طبيعة واحدة كما لا يكون من قبل تخالفها في العوارض الشخصية ، ضرورة ان فرض تشاكلها في جميع تلك العوارض لا يخرجها عن التعدد ، كذلك لا يكون من قبل وجود اصل تلك الطبيعة ، اذ لو فرض عدم بقاء شيء سوى وجود اصل تلك الطبيعة بلا زيادة شيء عليه لما كان تعدد في البين بالبديهة ، وانما هذا التعدد من قبل امر آخر لا يعلمه إلّا الله تعالى ، فوجود اصل الطبيعة امر وجداني لا يقبل التعدد ويقبل الصدق على الكثيرين ، وبعبارة اخرى الوجدان شاهد قطعي بان الوجودات الخارجية بينها قدر مشترك ، وهو صرف الوجود ، وليست اشياء متباينة بالكنه بلا جامع لها اصلا بحيث كان اطلاق لفظ الوجود عليها اطلاقا للّفظ المشترك على معانيه ، وهذا الجامع معروض للكثرة في قولنا : الخبز كثير ، والماء كثير مثلا ، ضرورة ان كل فرد فرد لا يكون معروضا لها وكذا مجموع الافراد ومن المعلوم ان هذا الوصف له نفس امرية ويكون صدقا في مورد وكذبا في آخر ، وايضا لو علمت اجمالا بوجود زيد أو عمرو ، فكل منهما مشكوك الوجود فلو لم يكن بينهما جامع الوجود فما يكون متعلق علمك؟
اذا عرفت ذلك فالمدعى انه يمكن ان يلغى الواضع في وضع هيئة الامر مثلا تلك الخصوصيات الفردية وينظر الى نفس الطلب المجرد ويضع الهيئة له ، وهذا المفهوم اعني صرف الوجود يشترك مع الماهية في ان كلا منهما جامع ينتزعه العقل من الخارجيات ويجرّده عن الخصوصية ويكون وضع اللفظ بازائهما في حال التجريد ، ويفارقها في ان الخارج ظرف لوجود