بكليهما كذلك لو علم بوجوب فعل إما في هذا اليوم وإما في الغد يجب عليه الاحتياط باتيان الفعل في اليومين ، هذا اذا تمكن من الاحتياط والموافقة القطعية ، واما اذا لم يتمكن من الموافقة القطعية كما فيما نحن فيه يجب عليه ترك المخالفة القطعية.
واما الثاني فلان عدم ارتكاب المخالفة القطعية متعين عند العقل ، لما سمعته سابقا ونحققه في مبحث البراءة ان شاء الله ، من ان حكم العقل بقبح المخالفة القطعية تنجيزى لا يمكن ان يرفع بالمانع ، واما حكمه بوجوب الموافقة القطعية فليس كذلك ، فانه انما يكون على تقدير عدم ترخيص الشارع في الموافقة الاحتمالية (١).
فان قلت : الاذن في المخالفة القطعية التدريجية واقع في الشرع ، كما في التخيير بين الخبرين المتعارضين ـ ان قلنا بكونه استمراريا ـ وكتخيير المقلد بين الاخذ بفتوى كل من المجتهدين ، فانه في كل منهما قد ينجر الامر الى المخالفة القطعية التدريجيّة ، كما اذا كان احد الخبرين دالا على الوجوب والآخر على
__________________
(١) قد عرفت في الحاشية المتقدمة ان كلا الحكمين من العقل تنجيزي وغير قابل للترخيص الشرعي على الخلاف ، فالحق في الجواب ان يقال : ان قبح المخالفة القطعية لا يقبل ترخيص العقل ايضا ، بخلاف ايجاب الموافقة القطعية ، فانه قابل لترخيصه اذا دار الامر بين ارتكاب امر يكون مخالفة قطعية للمولى وأمر آخر يكون مخالفة احتمالية وطرفا للشبهة المحصورة ، فان المتعين عند العقل اختيار الثاني.
فان قلت : بين المثال وما نحن فيه فرق وهو أن المخالفة القطعية مقرونة فيما نحن فيه بحصول الموافقة القطعية ، وغير مقرونة به في المثال ، والاقتران المذكور سبب لا خفيّة قبحها.
قلت : محذور عدم الموافقة القطعية ليس من جهة حصول احتمال الموافقة ، بل من جهة وجود احتمال المخالفة ، وإلّا فنفس عدم القطع بالموافقة من حيث هو لا محذور فيه ، فيتمحض موضوع القبح عند العقل في احتمال المخالفة مع طرفه الذي هو القطع بالمخالفة «منه ، قدسسره».