عدم وجوب التبين عند مجىء غير الفاسق بالخبر ، والثاني التمسك بمفهوم الوصف حيث علق سبحانه الحكم على خبر الفاسق ، والثالث التمسك بالمناسبة العرفية بين الفسق والتبين بحيث يظهر عند العرف ان وجه الاتيان به في الكلام كونه علة ، وبعد فرض كونه علة لا يمكن كون الخبر بذاته علة وإلّا لزم استناد المعلول اليه لكونه اسبق مرتبة ، هذا.
وفي الكل نظر : اما في الاخيرتين فلاحتمال ان يكون ذكر الوصف في الآية لمجرد التنبيه. على فسق الوليد ، ولكن الانصاف بعد هذا الاحتمال لان العرف يفهم من هذه القضية مناسبة بين التبين والفسق والحق ان يقال : ان المناسبة وان كانت محققة لكن لا يفهم من القضية ان وجه وجوب التبين في خبر الفاسق هذا الوصف بنفسه او من جهة كونه ملازما لعدم حصول العلم غالبا (١) ، فحينئذ يتردد العلة بين امرين : احدهما وصف الفسق والثاني عدم
__________________
(١) الانصاف انه كما ان كون الفاسق في الآية اشارة الى فسق وليد بعيد ، كذلك كونه كناية عن عدم حصول العلم ، كما ان موضوعيته في مقابل العدالة ـ بمعنى اجتناب الكبائر عن ملكة ، بملاحظة عدم الحجية الشرعية ـ مناف للتعليل بالجهالة الظاهر في ثبوت هذه العلة مع قطع النظر عن الحكم ، بل الظاهر موضوعيته في مقابل العدالة ، بمعنى اجتناب خصوص الكذب عن ملكة ، بملاحظة عدم الحجية العقلائية ، ولازم ذلك كون خبر العدل الواحد بالمعنى المذكور موضوعا للحجية العقلائية في الجملة ، اذ المفروض عدم الاستناد في فهم ذلك الى مفهوم الشرط او الوصف حتى يثبت الايجاب الكلي ، وانما الاستناد الى التعليل بالعرضي ، وغاية ما يثبت به الايجاب الجزئي.
وحينئذ فنقول : القدر المتيقن من بناء العقلاء هو العمل بخبر العدل الواحد المذكور في صورة كون احتمال جريه على خلاف سجيته وعادته في هذا الاخبار الشخصي موهوما ، فلا يعتنون بهذا الاحتمال ولو فرض رجحانه من طريق غير حجة ، واما صورة كون الاحتمال المذكور غير بعيد عندهم فهل يعملون باصالة جريه على عادته وبقاء عدالته او لا؟ فمحل للشك ، ويمكن حينئذ اثبات عدالته وبقاء جريه على ملكته بالاستصحاب الشرعي ، وعلى هذا يصير حجية خبر العدل الواحد بالمعنى المذكور مطلقا على طبق القاعدة ، لا يخرج عنها الا ـ