العرف ، فان ما يفهم العرف من ادلة الحرج هو عدم تحقق الحرج على المكلف من ناحية الشارع ، سواء كان بجعله ابتداء ، ام كان بجعل الاحكام الواقعية واشتبه على المكلف فوقع في الكلفة بحكم العقل وامضاء الشارع.
نعم يمكن القول بعدم شمولها للموارد التى الزم المكلف على نفسه المشقة ، كما لو آجر نفسه لعمل شاق لوجهين : احدهما ان القضية واردة في مقام المنة ، ولا منة في هذه الموارد ، والثاني ان العمل بعد هذا الالتزام مستند الى نفس الملتزم لا الى الشارع.
وقد يورد على الاخذ بالاحتياط انه مخالف للاحتياط.
وهذا الايراد مبنى على اعتبار قصد الوجه ، وقد اشبعنا الكلام في الجواب عن ذلك في مبحث مقدمة الواجب ، فراجع (١) ، ونزيد هنا انا لو سلمنا ذلك فهو مخصوص بصورة قدرة المكلف على تحصيل العلم التفصيلي ، واما في غيرها فلا ، خصوصا في ما اذا لم يقدر على تحصيل الطريق الشرعي ايضا ، كما هو المفروض في المقام ، لان الظن الذي لم يقم دليل شرعى على حجيته لا يجوز قصد الوجه به ، وان اكتفى المدعي بقصد الوجه بالوجوب العقلى فهو ممكن بالنسبة الى الاحتياط اللازم بمقتضى حكم العقل في المقام ، هذا.
واما المقدمة الثالثة ، وهي عدم جواز ترك التعرض لامتثال التكاليف بنحو من الانحاء ، فيدل عليه اوّلا العلم الاجمالى بوجود الاحكام ، وهو يوجب الموافقة القطعية ، وبعد عدم التمكن او عدم الوجوب يسقط الموافقة القطعية ، ولكن يبقى حرمة المخالفة القطعية بحالها ، فان قبح المخالفة القطعية لا يمكن ان يرفع في حال من الاحوال ، كما قرر ذلك في محله ، وثانيا ، الاجماع القطعي ، فان اهمال معظم الاحكام وكون المكلفين بالنسبة اليها كالبهائم والأنعام مما يقطع بانه مرغوب عنه شرعا ، وهو الذي يعبر عنه في لسان العلماء بالخروج عن الدين ،
__________________
(١) ج ١ ، ذيل البحث عن تأسيس الاصل ، ص ١٠٢.