القليل من التكاليف ، واتفاق الحرج في بعض الموارد لبعض الاشخاص يوجب دفع الاحتياط عنه لا عن عامة المكلفين ، فمقتضى القاعدة الاحتياط في الدين الا في موارد خاصة ، مثل ان يوجب اختلال النظام ، او كان مما لا يتحمل عادة ، او لم يكن الاحتياط ممكنا ، كما اذا دار الامر بين المحذورين ، او وقع التعارض بين احتياطين ، او يوجب الاحتياط المخالفة القطعية لواجب قطعى آخر ، فيجب العمل بالظن ، لانه لا طريق للمكلف اقوى منه ، والحاصل ان دعوى الحرج لا سيما الموجب لاختلال النظام بالنسبة الى آحاد المكلفين الموجب لسقوط الامتثال القطعى عن الكل في غاية الاشكال.
ومما يدل على ما ذكرنا أن بناء سيد مشايخنا الميرزا الشيرازي «قدس الله نفسه الزكية» كان على ارجاع مقلديه الى الاحتياط ، وقلّ ما اتفق منه اظهار الفتوى والمخالفة للاحتياط ، وكان مرجع تمام افراد الشيعة مدة متمادية ، ومع ذلك ما اختل نظام العالم بواسطة الرجوع الى الاحتياط ، وما كان تحمل هذا الاحتياط شاقا على المسلمين بحيث لا يتحمل عادة ، وكيف كان هذه الدعوى محل نظر بل منع.
ثم لو سلمنا تحقق العسر والحرج في العمل بالاحتياط الكلى ، فان كان بحيث يختل به النظام فالعقل حاكم بطرحه ، ولا اشكال فيه ، واما لو لم يكن بهذه المثابة فالتمسك في رفعه بالادلة السمعية الدالة على نفى الحرج في الدين محل تأمل ، اذ يمكن ان يقال : ظاهرها عدم جعل الشارع تكليفا يوجب الحرج بنفسه ولا اشكال في ان التكاليف المجعولة من قبل الشارع ليست بنفسها بحيث يوجب امتثالها الحرج والمشقة ، وانما جاء الحرج من قبل جهل المكلف في تعيينها ، وبعد عروض هذا الجهل يحكم العقل بوجوب الاحتياط ، وليس الاحتياط شرعيا حتى يلزم منه جعل الحرج ، فما جعله الشارع ليس بحرجى ، وما يكون حرجيا ليس بمجعول للشارع ، هذا.
ولكن الاشكال في الكبرى ليس في محله بعد ملاحظة الانصاف وفهم