العلم بالمبرئ وآل امر المكلف الى التنزل الى الظن بذلك فلا يعقل الفرق بين الظنين ، لما قلنا : ان المهم عند العقل في مقام الامتثال ليس ادراك الواقعيات ، بل الخروج عن عهدة ما صار منجزا على المكلف باى نحو كان ، هذا (١).
اقول : لا اشكال في الكبرى التى افادها في المقام وهو ان العقل بعد انسداد باب تحصيل العلم بالمبرئ يعين الظن به باى وجه كان ، انما الاشكال في ان العمل بما ظن كونه طريقا وان لم يفد بنفسه ظنا بالواقع ظن بالابراء ، ومحصل الاشكال أن بدلية مفاد الطرق عن الواقع لو كانت تابعة لحجيتها واقعا وان لم يعلم بها كان الامر كما افاده «قدسسره» ، لكن هذا خلاف التحقيق ، فان من علم اجمالا بوجوب الظهر او الجمعة مثلا فترك الجمعة واتى بالظهر وكان ما تركه هو الواجب في نفس الامر واتفق مقارنة تركه الواجب طريقا شرعيا دالا على عدم الوجوب لا يوجب الثبوت الواقعى لذلك الطريق رفع استحقاقه العقوبة بحكم العقل ، فاسقاط عقوبة الواقع في صورة العمل بالطريق انما يكون من لوازم العلم بحجيته ، لا من لوازم ثبوته في الواقع.
لا يقال : ثبوته بالحجة كثبوته بالعلم ، والمفروض حجية مطلق الظن في حال الانسداد.
لانا نقول : اعتبار الظن هنا موقوف على تعلقه بالمبرئ ، فان كان الابراء بواسطة اعتبار الظن لزم الدور.
والحاصل ان تعميم الظن للظن بالطريق بمجرد العلم الاجمالي بالواقعيات في غاية الاشكال ، لما مر ، نعم يمكن دعوى اعتبار الظن في الطريق ، بواسطة دعوى العلم الاجمالي الآخر المتعلق به ، كما يأتى تقريبه ان شاء الله.
حجة من ذهب الى الاختصاص بالظن بالطريق امران :
احدهما ما ذكره صاحب الفصول قده قال : انا كما نقطع بانا مكلفون في
__________________
(١) الفرائد : التنبيه الاول ، ص ١٢٨ ...