احد الموضعين والشك في الآخر لا توجب التفكيك في الجهالة بحسب المعنى فيهما ، فانه من الجائز بل المتعين استعماله في كلا الموضعين في المعنى العام الشامل للغفلة والشك ، لكن لما كان الغالب في الجهل بالحكم هو الغفلة ، اذ مع وضوح هذا الحكم بين المسلمين قلّما يتفق مع الالتفات اليه الشك فيه بخلاف الجهل بكونها في العدة ، فانه يتحقق غالبا مع الالتفات ، لكثرة اسبابه ، اذ المتعارف ـ بحيث قلّ ان يتخلف ـ التفتيش من حال المرأة التي يريد ان يزوجها ، ومعه من المستحيل عادة ان لا يصادف بما يورث التفاته الى أنها في العدة ام لا ، كما لا يخفى ـ خص الامام عليهالسلام الجاهل بالتحريم بالاعذرية ، معللا بكونه غير قادر على الاحتياط ، نظرا الى ان الغالب فيه الغفلة ، بخلاف الجاهل بالعدة ، من دون التفات منه بما يتفق نادرا في الموضعين ، فاذا لا تفكيك بحسب المعنى بين الموضعين انتهى كلامه (١).
قلت : كما ان وضوح الحكم بين المسلمين يوجب عدم الشك مع الالتفات كذلك غلبة التفتيش عن حال المرأة توجب عدم بقاء الشك بحاله ، فالتعرض لحكم الشك في الشبهة في العدة ايضا تعرض للفرد النادر ، فتأمل (٢).
ويمكن دفع الاشكالات الواردة على الرواية باجمعها ، بحمل الجهالة على الغفلة في كلتا الصورتين ، وحمل قول السائل : «بجهالة أن الله حرم عليه ذلك» على الجهالة في الحكم التكليفي ، وقوله : «ام بجهالته أنها في العادة» على جهالته بان العدة موضوعة للامر الوضعى ، أعنى الحرمة الأبدية ، وحينئذ وجه قدرته على الاحتياط في الثاني انه بعد الالتفات يتمكن من رفع اليد عن الزوجة ، بخلاف الاول ، فانه عمل بالفعل المحرم شرعا ، ولا يتمكن عن تداركه بعد الالتفات
__________________
(١) تعليقة المحقق الخراساني ، هنا ـ ص ١١٤
(٢) اشارة الى انه لو كانت القضية متعرضة لبيان خصوص حكم الفرد النادر كما فيما نحن فيه. فلا تضره الندرة كذا قال الاستاذ دام ظله في مجلس الدرس (عباس الهمداني).