ويشكل بان الجهل المفروض في الرواية على فرض كون المراد منه الشك إن كان متعلقا بالحكم الشرعي فالمعذورية يتوقف على الفحص ، اذ الجاهل بالحكم قبل الفحص ليس بمعذور اجماعا ، ولو حملنا الرواية على ما بعد الفحص فيبعد بقاء الجهل مع وضوح الحكم بين المسلمين ، وإن كان المراد الجهل بالموضوع فيصح الحكم بالمعذورية ، اذا لم يعلم بكونها في العدة اصلا ، واما اذا علم بكونها في العدة سابقا ولم يدر انقضائها فمقتضى استصحاب بقاء العدة عدم معذوريته ، وبالجملة الحكم بمعذورية الجاهل مطلقا لا يطابق القواعد المسلمة إلّا ان يحمل الجهالة على الغفلة ، فيستقيم الحكم بالمعذورية ، او كان المراد من المعذورية المعذورية بالنسبة الى الحكم الوضعى (١) اعنى الحرمة الابدية.
وايضا هنا اشكال آخر : في حكمه بكون الجهالة بأن الله تعالى حرم عليه ذلك اهون من الاخرى معللا بعدم قدرته على الاحتياط معها ، وحاصل الاشكال انه لا فرق بين الجهالتين في هذه العلة ، لانها ان كانت بمعنى الغفلة فلا اشكال في عدم قدرته على الاحتياط فيهما ، والتفكيك بين الجهالتين بان يجعل الجهالة بالحكم بمعنى الغفلة والاخرى بمعنى الشك في غاية البعد.
قال شيخنا الاستاذ : غاية ما يمكن ان يقال في دفعه هو ان ارادة الغفلة في
__________________
(١) وذلك اما بان يقال بان الجاهل المردد وان كان مقصرا من حيث التكليف ، معذور من حيث الوضع ، لمدخلية وصف الجهل في رفع الوضع ، واما بان يقال بان الحكم في هذه المسألة مبني على تخصيص الاستصحاب مع الحمل على الشبهة الموضوعية.
وفيه ان سياق الرواية يشهد بان الجاهل في هذا الباب جار على قاعدته في سائر الابواب ، من غير خصوصية لوصف الجهل ولا تخصيص لقاعدته ، لقوله عليهالسلام : «فقد يعذر الناس في الجهالة بما هو اعظم من ذلك» :
فالحق في الجواب ما ذكر اخيرا في المتن من حمل الجهالة في الموضعين على معنى الغفلة ، ويعلم منه حكم الجاهل المردد اذا كان معذورا ، اذ الظاهر من الرواية كون الحكم في الغافل معللا بكونه معذورا. (م. ع. مدّ ظلّه).