على حلية ذلك المشتبه ، وبعد شمول الرواية لهذا المورد يلحق به ما بقى من الشبهات الحكمية بعدم القول بالفصل.
لانا نقول : «قوله عليهالسلام فيه حلال وحرام» انما جىء به لبيان منشأ الاشتباه ، وإلّا فالقيد الذي لا دخل له في الحكم ولا في تحقق الموضوع يكون لغوا ، لا ينبغى صدوره من المتكلم ، سيما الامام عليهالسلام ، ولا اشكال في ان حلية لحم الغنم وحرمة لحم الخنزير مما لا دخل له في حلية لحم الحمير المشتبه ، ولا يكون ايضا منشأ للاشتباه ، اذ منشأ الاشتباه فيه انما هو عدم النص ، بخلاف ما لو حملناه على الشبهة الموضوعية ، فان هذا القيد يكون بيانا لمنشا الاشتباه ، حيث ان وجود القسم الحلال والقسم الحرام يكون منشأ للشبهة في ذلك الامر الخارجي الذي لم يعلم اندارجه في احد القسمين ، مضافا الى انه يلزم على ما ذكره هذا القائل ان يكون العلم بكون لحم الخنزير حراما غاية لحلية لحم الحمير ، هذا محصل ما افاده «قدسسره».
اقول يمكن دفع هذين الاشكالين عن القائل : أما الاول فبأنه يكفى في عدم لغوية القيد انه لو علم كون مطلق اللحم حراما او حلالا لم يبق شك في لحم الحمير ، فوجود القسمين في اللحم صار منشأ للشك في لحم الحمير.
وأما الثاني فبان معرفة الحرام غاية للحكم على المطلق او على ذلك الشيء الذي عرف حرمته ، ولو لا ذلك للزم الاشكال على تقدير الاختصاص بالشبهة الموضوعية ايضا ، اذ بعد معرفة فرد من افراد الغير المذكى يصدق انه عرف الحرام ، فيلزم ارتفاع الحكم عن الشبهات ايضا ، فتدبر جيدا.
ومن جملة ما استدلوا به على البراءة قوله عليهالسلام في المرسلة «كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهى» (١) وهذا كبعض ما سلف لو تم دلالته لدل على البراءة في الشبهة التحريمية.
__________________
(١) الوسائل ، الباب ١٢ من ابواب صفات القاضي ، الحديث ٦٠.