فلو تعلق التكليف على النحو الاول ، فلا مجال لاصالة البراءة في الشبهة الموضوعية ، سواء كان التكليف المتعلق بالطبيعة على النحو المذكور أمرا او نهيا ، لان الامر بالطبيعة على هذا النحو يقتضى ايجاد فرد ما منها ، فما لم يوجد قطعا او يشك في ايجاده يجب عليه الاتيان بحكم العقل من دون شك ، فاذا قطع بايجاده فليس عليه شيء آخر قطعا ، وكيف كان لا مجال لاصالة البراءة ، والنهى بها على هذا النحو يقتضى ترك جميع الافراد ، لان الطبيعة لا تترك إلّا بترك جميع الافراد ، فمتى شك في شيء أنه من افراد الطبيعة المنهى عنها يجب عليه تركه ، لان اشتغال الذمة بترك ايجاد الطبيعة معلوم ، ولا يتيقن بالبراءة إلّا بالقطع بترك جميع افرادها في نفس الامر.
ولو تعلق التكليف بالطبيعة على النحو الثاني ، فلا اشكال في انه ينحل الى تكاليف عديدة ، وان كل فرد يتعلق به تكليف مستقلا ، نظير العام الاستغراقي ، فمتى شك في شيء أنه من افراد الطبيعة المكلف بها فالاصل فيه البراءة ، سواء كان التكليف المتعلق بالطبيعة امرا او نهيا ، اذ كل ما ذكرنا في الشبهة الحكمية من حكم العقل والادلة الشرعية جار هنا ايضا ، ومجرد العلم بالكبرى التى شك في وجود صغراها كما هو المفروض لا يصحح العقاب على هذا المشكوك فيه ، ولعمرى ان هذا واضح جدا.
ولو كان التكليف بالطبيعة على النحو الثالث ، فان كان امرا يقتضى
__________________
لحاظهما اثنين ، فالشك المتعلق بالفرد متعلق بمورد التكليف لا محالة ، ولا يتوهم انه بناء على الوجهين الآخرين يمكن التمسك بحديث الرفع بناء على حمله على الجعل الشرعي ، بعد ما عرفت من ان الشك في ذينك الوجهين غير مربوط بما هو موضوع الاثر ، نعم قد يتمسك فيما اذا تعلق النهي باحد الوجهين باستصحاب بقاء كونه تاركا للصرف او لمجموع الوجود بعد اتيان الفرد المشكوك او الانتهاء عنه والاتيان بما عداه ، كما يستصحب الطهارة او الحدث بعد الصلاة فيما اذا كان غافلا حينها ، ووجه الصحة في المقامين ان مقام تقبل المصداق قابل للجعل الشرعي كمقام التصرف في المأمور به قبل الاتيان به باسقاط شيء عنه او الحاقه به. (م. ع. مدّ ظلّه).