اثبات دلالة هذه الاخبار على الاذن في بعض الاطراف بعد رفع اليد عن دلالتها الاوّلية بحكم العقل.
فنقول : ما يمكن ان يقال في المقام في اثبات المرام وجوه :
الاول : ان مقتضى عموم الادلة الترخيص في كل من الاطراف ، غاية ما هنا وجوب التخصيص بحكم العقل بمقدار لا يلزم منه الاذن في المعصية ، وحيث لا ترجيح لاخراج واحد معين من عموم الادلة نحكم بخروج البعض لا بعينه ، وبقاء الباقى كذلك ، حفظا لاصالة العموم فيما لم يدل دليل على التخصيص.
وفيه : ان البعض الغير المعين لا يكون موضوعا للعام من اول الامر حتى يحفظ العموم بالنسبة اليه ، لان موضوعه هو المعينات ، فالحكم بالترخيص في البعض المبهم يحتاج الى دليل آخر.
الثاني : ان يقال ان الدليل اللفظي وان لم يدل على الترخيص في البعض الغير المعين ، إلّا انه يمكن استكشاف هذا الترخيص من الدليل اللفظى بضميمة حكم العقل ، وبيانه ان القضيّة المشتملة على حكم متعلق بعنوان من العناوين على سبيل الاطلاق او العموم يفهم منها امران : احدهما ثبوت ذلك الحكم لتمام افراد عنوان الموضوع ؛ والثاني وجود ملاك الحكم في كل فرد منها ، ثم ان ثبت قيد يرجع الى مادة القضية فقضية ذلك التقييد تضييق دائرة ذلك الحكم وملاكه معا ، وان ثبت قيد يرجع الى الطلب فقضيته رفع اليد عن اطلاق الطلب ، دون المادة ، كما اذا ورد خطاب دال على وجوب انقاذ الغريق ثم وجد الغريقان ، فان ذلك الخطاب وان كان غير شامل لهما بحكم العقل ، لقبح التكليف بما لا يطاق ، إلّا انه يحكم باطلاق المادة بوجود ملاك الوجوب في كليهما ، ولهذا يستكشف العقل وجوبا تخييريا ، ان لم يكن احدهما اهم ، وخطابا تعيينيّا متعلقا بالاهم ، ان كان كذلك ، وقد مضى شطر من هذا الكلام في البحث عن مقدمة الواجب فراجع.