اذا عرفت موضع البحث ، فنقول : غاية ما يمكن ان يقال في وجه عدم وجوب الاحتياط هو ان كثرة الاطراف توجب ضعف احتمال كون الحرام مثلا في طرف خاص ، بحيث لا يعتنى به العقلاء ويجعلونه كالشك البدوي ، فيكون في كل طرف يقدم الفاعل على الارتكاب طريق عقلائى على عدم كون الحرام فيه.
وهذا التقريب احسن مما افاده شيخنا المرتضى «قدسسره» (١) من ان وجه عدم وجوب الاحتياط كون الضرر موهوما ، فان جواز الاقدام على الضرر الاخروى الموهوم لو سلم لا يوجب القطع بكونه غير معاقب كما لا يخفى ، هذا.
ولكن فيما ذكرنا ايضا تأمل ، فان الاطمينان بعدم الحرام في كل واحد واحد بالخصوص كيف يجتمع مع العلم بوجود الحرام بينها وعدم خروجه عنها ، وهل يمكن اجتماع العلم بالموجبة الجزئية مع الظن بالسلب الكلى (٢) فحينئذ ،
__________________
(١) الفرائد ، ذيل الوجه الخامس ، ص ٢٥٩.
(٢) فيه انه انما يحصل الظن بالسلب الكلي اذا كان هناك ظنون بعدد الآحاد وتعلق كل واحد من تلك الظنون بواحد من تلك الآحاد تعيينا ، واما اذا كانت الظنون دائرة بين الآحاد كدوران النكرة بين الآحاد وصادقا على كل واحد واحد على وجه التبادل فلا يلزم منها الظن بالسلب الكلي ، فان مرجع الظن بالعدم في واحد من الآحاد بهذا الوجه الى الظن بالاثبات فيما عداه ، وهكذا في كل واحد واحد ، ولو كان مثل هذا راجعا الى الظن بالنفي الكلي لزم ان يكون احتمال العدم في كل واحد من طرفي الشبهة المحصورة ايضا راجعا الى احتمال النفي الكلي ، وهو ايضا لا يجتمع مع العلم بالايجاب الجزئي ، لكن لازم هذا التقريب عدم جواز التعدي في مقام الارتكاب عن العدد الذي حصل فيه الاطمينان بالعدم ، بحيث لو زاد عليه ارتفع الاطمينان.
وظهر ممّا ذكرنا ان يعامل مع العلم الاجمالي معاملة العلم بالعدم لا معاملة الشك البدوي ، فلو فرض العلم الاجمالي باضافة الماء في افراد غير محصورة جاز التوضّي بواحد منها كسائر استعمالاته ، ولو كان كالشك البدوي جاز الشرب ولم يجز استعماله في رفع الحدث والخبث. (م. ع. مدّ ظلّه).