فاذا نامت العين والاذن فقد وجب الوضوء ، قلت : فان حرّك في جنبه شيء وهو لا يعلم ، قال : لا ، حتى يستيقن انه قد نام ، حتى يجىء من ذلك أمر بيّن ، وإلّا فانه على يقين من وضوئه ولا ينقض اليقين أبدا بالشك ولكن ينقضه بيقين آخر (١).
وفقه الحديث أن الظاهر من الفقرة الاولى ان شبهة السائل كانت حكمية ، أعنى أنه كان شاكا في ان مفهوم النوم الذي جعل ناقضا للوضوء هل يشمل مثل الخفقة والخفقتين ام لا؟ فسأل عن ذلك فاجابه عليهالسلام بما حاصله : «ان النوم الموجب للوضوء لا يتحقق بذلك ، بل الملاك نوم العين والاذن» والفقرة الثانية سؤال عن الشبهة الموضوعية ، اعنى بعد ما علم زرارة ما هو الملاك في النوم الناقض سأل عن الشك في تحقق ذلك ، فاجابه بقوله عليهالسلام : «لا ، حتى يستيقن أنه قد نام حتى يجىء من ذلك امر بيّن ، وإلّا فانه على يقين من وضوئه ولا ينقض اليقين ابدا بالشك ولكن ينقضه بيقين آخر».
ثم إن قوله عليهالسلام : «فانه على يقين من وضوئه» يحتمل بعيدا ان يكون هو الجزاء للشرط ويصير المفاد : «وان لم يجئ من ذلك امر بين فانه يجرى على يقين من وضوئه» والظاهر ان جواب الشرط محذوف قامت العلة مقامه ، كما وقع نظيره في الكتاب العزيز مثل قوله تعالى : (إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ) (٢) ومثل قوله تعالى : (وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ) (٣) ، ومن كفر فان الله غنى عن العالمين (٤) وامثال ذلك مما لا يحصى ، وحينئذ هذه القضية تكون صغرى لقوله «ولا ينقض اليقين الخ».
والظاهر ان قوله عليهالسلام : «من وضوئه» لمجرد كونه متعلقا لليقين في
__________________
(١) الوسائل الباب ١ من ابواب نواقض الوضوء الحديث ١.
(٢) سورة الزمر ، الآية ٧.
(٣) سورة النمل ، الآية ٤٠.
(٤) سورة آل عمران ، الآية ٩٧.