قال شيخنا المرتضى «قدسسره» في الامر الثاني من الامور التي نبه عليها في باب الاستصحاب ما هذا لفظه : قد علم من تعريف الاستصحاب وادلته ان مورده الشك في البقاء ، وهو وجود ما كان موجودا في الزمان السابق ، ويترتب عليه عدم جريان الاستصحاب في نفس الزمان ولا في الزماني الذي لا استقرار لوجوده بل يتجدد شيئا فشيئا على التدريج ، وكذا في المستقر الذي يؤخذ قيدا له ، إلّا انه يظهر من كلمات جماعة جريان الاستصحاب في الزمان ، فيجرى في القسمين الاخيرين بالطريق الاولى. انتهى كلامه رفع مقامه (١).
وقد عرفت صحة استصحاب نفس الزمان والزمانيات من دون الاحتياج الى مسامحة ، نعم لو انقطع الزماني بما لا يعتد به عرفا ثم وجد فعدّه شيئا واحدا يحتاج الى المسامحة وإلّا فبحسب العقل قد انصرم وحدته.
ويمكن ان يقال : ان الزمان ان لوحظ امرا محدودا. كما يقال : إنّ الليل وكذا النهار عبارتان عن القطعة الخاصة المحدودة بالحدين المفروضين فلا معنى للعلم به الا بعد احراز مجموع تلك القطعة ، وبعد احراز وجود تمام تلك القطعة لا يبقى الشك فيه ، فلا يتحقق فيه ما هو ملاك جريان الاستصحاب ، نعم لو قلنا بان الليل والنهار عبارتان عن الآن السيال بين الحدين المفروضين يمكن تحقق اليقين والشك فيه ، وهكذا حال الحركة ، ان كان المقصود الحركة المحدودة المسماة بالحركة القطعية فلا يجتمع فيها اليقين والشك ، وان كان المقصود الحركة التوسطية وهي كون الجسم بين الحدين فيمكن كونها متعلقة لليقين والشك ، كما هو ظاهر.
فالاولى في المقام ان يقال : ان كان موضوع الاثر الذي اريد استصحابه هو الزمان المحدود او الزماني كذلك فاستصحابه يحتاج الى المسامحة التى افادها شيخنا المرتضى «قدسسره» من جعل المجموع موجودا فعليا لوجود جزئه ، وان
__________________
(١) الفرائد ، ص ٣٧٤.