حال لا يصح القول بالتعارض هذا في الشق الاول.
واما الشق الثاني فاستصحاب الوجوب ليس له معارض ، فان مقتضى استصحاب عدم وجوب الجلوس المقيد بالزمان الخاص ان هذا المقيد ليس موردا للوجوب على نحو لوحظ الزمان قيدا ، ولا ينافي وجوب الجلوس في ذلك
__________________
فالحق في هذا القسم تسليم المعارضة ، نعم يمكن منعها في القسم الآخر والقول بان استصحاب الوجود في مطلق الجلوس حاكم على استصحاب العدم في الجلوس المقيد بما بعد الغاية ، توضيح ذلك ان تعلق الوجوب بالجلوس المقيد تارة يكون بالاصالة ، وهذا في المقام اما مقطوع العدم واما مستصحبه ، ولكن لا منافاة بينه وبين استصحاب الوجود في الجلوس المطلق ، واخرى يكون بالتبع لاجل سراية الحكم من الجلوس الكلي الى الجلوسات المقيدة ، وهذا هو الذي ينافي استصحاب عدمه في الفرد مع استصحاب الوجود في الكلي ، ولا يرفع هذه المنافاة بما ذكر في المتن. اذ فيه اولا انه متأتّ فيما اذا أدّى دليلان اجتهاديان مؤدى هذين الاستصحابين ، فكان مفاد احدهما ان كلي الجلوس واجب الى ما بعد الغاية ، ومفاد الآخر ان هذا الجلوس الشخصى المقيد بما بعدها غير واجب ، فلا شك ان العرف يحكم بالمعارضة بينهما. وثانيا مفاد استصحاب الوجوب الى ما بعد الغاية وان كان ملاحظة الزمان ظرفا للوجوب لكن الواجب ايضا مقيد لبا بذلك الظرف ، كما هو المشاهد في الامثلة العرفية ، واذا فالمنافاة اوضح.
والذي ينبغي ان يقال في دفعها ان الشك في الوجوب التبعي للفرد ناش عن الشك في الوجوب الاصلي للكلي ، فاذا حكم بثبوت الوجوب للكلي كان من اثره ثبوت الوجوب التبعي للفرد ، وليس من اثر عدم الثبوت للفرد عدم الثبوت للكلي ، وان كانا متلازمين حتى في مرحلة الظاهر ، اذ لا يجتمع عدم وجوب الفرد ولو في الظاهر مع وجوب الكلي ولو ظاهرا.
فان قلت : ثبوت الوجوب للفرد اذا كان ثابتا للكلي انما بحكم العقل ، وليس الترتب شرعيا كما في ترتب طهارة الثوب على طهارة الماء ، والمعتبر في الحكومة المصطلحة ذلك. قلت :
كلا ، بل الحاكم بالترتب هو الشرع ، وشأن العقل انما هو ادراك ما حكم به الشرع ، فالشرع يحكم على الكلي ، وحكمه يسري الى الفرد ، والعقل يدرك ذلك ، واذا فاستصحاب الوجوب للكلي مثبت للوجوب في الفرد بعنوان الواقع ، واستصحاب العدم في الفرد لا يثبته في الكلي بهذا العنوان ، بل بعنوان الشك ، لمكان الملازمة بينهما حتى في الظاهر. (م. ع. مدّ ظلّه).