وللثانية عموم الادلة او اطلاقها ، مضافا الى ان المستفاد ان ملاك عدم الاعتناء هو التجاوز عن المحل وان الفاعل حين العمل اذكر.
فان قلت : لا يمكن ان يراد من القضية كلا الشكين من وجهين : احدهما ان ارادة الشك في الصحة مبنية على ملاحظة وجود نفس الشيء ، لان هذا الشك انما يكون بعد الفراغ عن اصل وجود الشيء ، وارادة الشك في الوجود انما تتصور فيما لم يكن وجود الشيء مفروغا عنه ، والشيء الذي فرض متعلقا للشك لا يمكن ان يفرض محقق الوجود ولا يفرض كذلك ، لانه من الجمع بين اللحاظين المتنافيين ، والثاني انه ان اريد من الشك الشك في الوجود فلا بد من الالتزام بان المراد من الخروج عن الشيء في الاخبار الخروج عن محله ، وان اريد منه الشك في الصحة لا يلزم منه ذلك ، فان التجاوز حينئذ يلاحظ بالنسبة الى نفس ذلك الشيء ، فيلزم تقدير المحل وعدم تقديره في قضية واحدة.
قلت : اما الجواب عن الاول فبان الشك في وجود الشيء له تعلق به ، وكذا الشك في صحته ، فيمكن ان يلاحظ جامع هذين التعلقين معنى حرفيا ويعبر عنه بلفظ الشك في الشيء ، كما استعمل في بعض الاخبار في معنى جامع بين الظرفية وغيرها ، كما في موثقة ابن بكير «فالصلاة في وبره وشعره وجلده وروثه وألبانه «الخبر» (١) واما الجواب عن الثاني فبالالتزام بتقدير المحل ، فان من فرغ عن نفس الشيء فرغ عن محل وجوده الخارجي ، نعم المحل بالنسبة الى الشك في الوجود ليس محلا للوجود الخارجي المحقق ، لانه غير محرز بالفرض ، بل هو عبارة عن المكان الذي ينبغى ان يوجد فيه اما شرعا واما الاعم منه ومن غيره ، ولا مانع من تقدير مفهوم جامع يعم المعنيين ، هذا. بل يمكن ان يقدر المحل بالمعنى الذي يقدر في الشك في الوجود ، اعنى المحل الذي اعتبر لشيء شرعا ، فان محل الحمد مثلا شرعا قبل السورة ، سواء أتى به ام لا ، فكما انه لو شك في وجوده بعد
__________________
(١) الوسائل ، الباب ٢ من ابواب لباس المصلى ، الحديث ١.