المقام الثاني : هل المحل الذي اعتبر التجاوز عنه في الاخبار هو خصوص المحل الذي جعل للشيء شرعا او يكون اعم من ذلك وما صار محلا للشيء بمقتضى العادة الشخصية او النوعية؟ والذي يظهر في بادئ النظر هو الاخير ، دون الاول والثاني ، اما الاول فلعدم التقييد في دليل من الادلة ، واما الثاني فلان اضافة المحل الى الشيء بقول مطلق لا تصحّ بمجرد تحقق العادة لشخص خاص ، بخلاف ما لو كانت العادة بملاحظة النوع ، مثلا يصح ان يقال : «ان محل غسل الطرف الايسر قبل تخلل فصل معتد به بينه وبين غسل الايمن» لبناء النوع في الغسل الترتيبى على الموالاة بين الغسلات ، بخلاف العادة الشخصية ، نعم يصح ان يضاف المحل في هذه الصورة الى فعل خصوص ذلك الشخص ، لكن ظاهر الاخبار اعتبار مضى محل الشيء من دون اضافة الى شخص خاص ، فتدبر جيدا.
لكن قال شيخنا المرتضى «قدسسره» : ان فتح هذا الباب بالنسبة الى العادة يوجب مخالفة اطلاقات كثيرة ، فمن اعتاد الصلاة في اول وقته او مع الجماعة فشك في فعلها بعد ذلك فلا يجب عليه الفعل ، وكذا من اعتاد فعل شيء بعد الفراغ عن الصلاة فرأى نفسه فيه وشك في فعل الصلاة ، وكذا من اعتاد الوضوء بعد الحدث بلا فصل يعتد به او قبل دخول الوقت للتهيؤ فشك بعد ذلك في الوضوء ، الى غير ذلك من الفروع التي يبعد التزام الفقيه بها ، نعم ذكر جماعة من الاصحاب مسألة معتاد الموالاة في غسل الجنابة اذا شك في الجزء الاخير ، انتهى ما اردنا من نقل كلامه «قدسسره» (١).
وانت خبير بان ما ذكره «قدسسره» من الامثلة كلها من قبيل العادة الشخصية الا الاخير ، وقد قال جماعة بعدم اعتبار الشك فيه مستدلا بالاخبار ، وهو موافق لما قوّينا ، نعم لازم ما ذكرنا ان من صلى صلاة الظهر او المغرب ثم
__________________
(١) فرائد الاصول ، قسم الاستصحاب ، بحث اصالة الصحة ، الموضع الثاني ، ص ٤١١.