المدعى ، والحلف على المنكر ، وحصر فصل الخصومة بذلك ، وفهم مصاديق هذين المفهومين موكول الى العرف اذ ليس لهما حقيقة شرعية كما هو الحق ، وعلى هذا نقول : إنّ كل من صدق عليه عنوان المدعى عرفا يطالب بالبينة ، سواء طابق قوله ظاهرا من الظواهر واصلا من الاصول ام خالف ، وكل من صدق عليه عنوان المنكر فعليه اليمين كذلك ، وتعريف الفقهاء «رضوان الله تعالى عليهم» بان المدعى : هو الذي لو ترك ترك ، او الذي يدعى خلاف الاصل ، او الذي يدعى امرا خفيا ، محمول على بيان الافراد الغالبية ، وتميزه عن المنكر في الجملة اذا عرفت هذا فنقول : ان كان مال تحت يد احد يعامل معه معاملة الملكية فادعى الغير انه ما له فهذا الغير مدع عرفا ، لانه هو الذي انشأ الخصومة ، واما لو اقر ذو اليد باستناد يده الى انتقال العين اليه من الخصم فيصير مصب الدعوى هو الانتقال ويصير ذو اليد بذلك مدعيا ، لانه لا نزاع بينهما الا دعوى ذي اليد الانتقال ، وهذه خصومة انشأها بكلامه ، وليس طريق فصل الخصومة الا اقامة البينة منه او الاستحلاف لمن ينكر الانتقال (١) نعم لو لم تكن في البين خصومة وادعى ذو اليد ملكية ما في يده بسبب خاص يقبل منه بواسطة اليد.
تنبيه : اعلم ان ما قلنا : من ان طريق رفع الخصومة في باب القضاء منحصر بالبينة والايمان ، انما هو فيما اذا كان المنكر في مقابل المدعى ، واما اذا لم يكن في مقابله منكر ، بان يقول الخصم لا ادرى صدق ما تقول او كذبه ، كالدعوى على المورث مع اظهار الورثة الجهل بذلك ، وتصديق المدعى لهم ، فان كانت
__________________
(١) فيه ان هذا البيان وان كان وافيا لسقوط اليد عن مقام فصل الخصومة ، لكنه غير واف بسقوطها عن الحجية رأسا ، فلا يجوز لاحد التصرف في المال بغير اذن ذي اليد قبل فصل الخصومة ، فكيف ينطبق على هذا البيان قولهم بانتزاع العين من ذي اليد ولو بغير رضاه. فالصواب ان يقال بان الاعتراف المذكور من ذي اليد موجب لسقوط يده عن الحجية رأسا ، وأن هذا من خاصية اعترافه اللساني ، فلو علم من الخارج ذلك لم يقدح في حجية يده ، لعدم احراز بناء العقلاء على حجيتها مع هذا الاعتراف. (م. ع. مدّ ظلّه).