وطرح غيره في كليهما.
وقال شيخ اساتيذنا العظام شيخنا المرتضى «قدسسره» في رسالة التعادل والتراجيح (١) بانحصار الجمع بين الدليلين فيما اذا كان الجمع مستلزما للتصرف في احدهما كالعام والخاص والمطلق والمقيد دون ما كان مستلزما للتصرف في كليهما ، وحاصل ما افاده «قدسسره» في وجه ذلك : ان احد الدليلين مقطوع الاعتبار ، فيقع التعارض بين ظاهره وبين سند الآخر ، ولا ترجيح لاخذ السند وطرح الظاهر.
اقول : بعد تسليم كون احد السندين مقطوع الاعتبار ، فالوجه في تقديم سند الآخر على ظاهر ما فرض القطع باعتباره ما قلنا في تقديم سند الخاص على ظهور العام ، مضافا الى منع حجية احد السندين ، لان حجيته في المدلول التعيني ترجيح بلا مرجح ، وحجية الاحد المبهم لا معنى لها فيما لم يكن هناك ثالث ، كما اذا قام الخبران على طرفى النقيضين.
فان قلت : ان احد الخبرين حجة بالاجماع ، لعدم القول بجواز طرحهما بين العلماء «قدسسرهم» لانهم بين من يجمع بين المدلولين ، ومن يأخذ بالترجيح لو كان وإلّا فالتخيير ، ومن يحكم بالتخيير مطلقا.
قلت : مدارك الاقوال المذكورة معلومة ، فمن اختار احد المدارك المذكورة يلزمه حكمه ، فلم يبق له مجال للقول بحجية احد الخبرين على سبيل الابهام وتعارض ظهوره مع سند الآخر ، ومن لم يختر احد المدارك المذكورة فلا دليل له على حجية احد الخبرين في مقام التعارض ، لا تعيينا ، ولا تخييرا ، ولا على سبيل الابهام.
فان قلت : اذا منعت حجية الواحد على سبيل الابهام فبم تحكم بانتفاء الثالث فيما اذا كان لهما ثالث؟
__________________
(١) عند البحث عن قاعدة : «الجمع مهما امكن اولى من الطرح» ص ٣٥ ـ ٤٣٤.