في قبال المحل ، وعلى النحو الاول يصح ان يقال : باتحاده مع المحل وهو مفاد هيئة المشتق كضارب وقاتل وقاعد وامثالها ، مما يحمل على الذوات ، وعلى النحو الثاني هو مفاد الالفاظ الدالة على المواد كضرب وقعود ونحوهما ، ونظير ما ذكرنا هنا من الاعتبارين ذكروا في اجزاء المركب ، من انها بملاحظتها لا بشرط هي عين الكل ، وبملاحظتها بشرط لا هي غيره ومقدمة لوجوده. هذا
والانصاف ان الاتحاد المستفاد من هيئة المشتقات مع الذوات غير الاتحاد الملحوظ في العرض باعتبار قيامه بالمحل ، فان معنى اتحاد العرض مع المحل عدم كونه محدودا بحد مستقل ، لا انه متحد بحيث لم يكن له ميز بنحو من الانحاء ، كيف وقد يشار الى العرض في حال قيامه بالمحل في الخارج ، ويحكم عليه بحكم يخصه ولا يعم المحل ، كقولك مشيرا الى السواد القائم بجسم بان هذا لون ، والحاصل ان هذا الاتحاد نظير اتحاد اجزاء المركب ، فان معنى اتحادها انها محدودة بحد واحد وان كان كل منها ممتازا عن الآخر من وجوه أخر ، بل يمكن ان يكون كل منها معروضا لعرض مضاد لعرض الآخر ، والمعنى المستفاد من لفظ ضارب مثلا الذي يحمل على الذات في الخارج هو معنى يتحد مع الذات ، بحيث لا يكون بينهما ميز في الخارج بوجه ، ولعل هذا واضح بعد ادنى تأمل.
وتظهر الثمرة بين هذا المعنى الذي ادعيناه للفظ المشتقات وبين ما يقوله اهل المعقول أنه لو قال الآمر : «جئنى بالضارب ولا تجئنى بالقاعد» فلا بد من تعيين احد الخطا بين في مورد الاجتماع ، بناء على عدم جواز اجتماع الامر والنهى بناء على ما ذكرنا للمشتق من المدلول ، فان معنى القائم والضارب انطبقا في الخارج على الوجود الشخصى ، واما بناء على ما ذكره اهل المعقول فلا تنافي بينهما ، لان مورد الامر هو الهيئة الخاصة المرتبطة بالمحل ، ومورد النهى هيئة اخرى كذلك ، ونفس المحل خارج عن مورد الامر والنهى ، والحاصل ان مقتضى ما ذكرنا أن مفهوم المشتق هو مفهوم آخر مباين لمفهوم المبدأ لا انهما متحدان ذاتا مختلفان بالاعتبار.