لا ينبغى الاشكال في عدم اعتبار الظن الشخصى ، لان المرجحات المنصوصة في الاخبار كموافقة الكتاب ونظائرها لا تستلزم الظن الشخصى ، مع وجوب الاخذ بها بناء على وجوب الترجيح ، فالملاك المأخوذ من الاخبار ليس الظن الشخصى ، لعدم اعتبار ذلك في الاصل ، فيبقى الاخيران.
واستظهر شيخنا المرتضى «قدسسره» من تعليلهم عليهمالسلام لتقديم الخبر المخالف للعامة بان الحق والرشد في خلافهم ، ومن تعليلهم عليهمالسلام لاخذ الخبر الموافق للمشهور بانه لا ريب فيه ، أن الملاك في الترجيح كون احدهما ابعد عن الباطل من الآخر وان لم يكن معه امارة المطابقة (١) وتقريب ذلك أن قولهم عليهمالسلام «ان المجمع عليه لا ريب فيه» بعد العلم بان المراد ليس نفي الريب عنه حقيقة يراد منه انه لا ريب فيه بالاضافة الى الآخر ، فيتحصل من هذا التعليل ان الملاك في الترجيح كون احد الخبرين بالاضافة الى الآخر اقرب الى الواقع وابعد عن الباطل وان لم يكن معه ما يوجب اقربيته الى الواقع على نحو الاطلاق ، وكذا تعليلهم الاخذ بالخبر المخالف للقوم بان الحق والرشد في خلافهم.
اقول : لا يظهر من الاخبار بعد فرض جواز التعدى ان الملاك ما افاده «قدسسره» لان قوله عليهالسلام : «فان المجمع عليه لا ريب فيه» بعد تعذر حمله على ظاهره يجب حمله على الرجحان الفعلى او النوعى ، وكذا قولهم : «فان الحق والرشد في خلافهم» اذ الظاهر انه لوحظ كون خلافهم طريقا الى الواقع ، ويؤيد ذلك ما في بعض الاخبار من امرهم عليهمالسلام بالاستفتاء من فقيه البلد والعمل بخلاف ما يفتى (٢) ، ومن انهم ليسوا من الحنيفية على شيء (٣) وغير
__________________
(١) الفرائد ، بحث التعادل والترجيح ، المقام الثالث ، ص ٥١ ـ ٤٥٠.
(٢) الوسائل ، الباب ٩ من ابواب صفات القاضي ، الحديث ٢٣.
(٣) الوسائل ، الباب ٩ من ابواب صفات القاضي ، الحديث ٣٢.