والعمدة في عدم الانقلاب ما ذكرنا من كون الخصوصات في عرض واحد لا وجه لملاحظة بعضها قبل الآخر حتى يوجب انقلاب النسبة.
ومن هنا يظهر انه لو كان النسبة بين المتعارضين عموما مطلقا بعد تخصيص احدهما بخاص يعامل مع ذلك العام المخصص ومقابله معاملة العام والخاص المطلق ، وان كان بينهما التباين قبل ذلك التخصيص (١) ، كما لو ورد : ثمن العذرة سحت ، وورد ايضا : ثمن العذرة لا بأس به ، وورد ايضا : ثمن عذرة المأكول اللحم لا باس به ، يجب تخصيص الدليل الاول واخراج عذرة المأكول اللحم منه ثم ملاحظته مع الدليل الثاني ، اعنى قوله : ثمن العذرة لا بأس به ، والسرّ في ذلك انه ليس تعارض المقيد مع المطلق والمطلق الآخر معه على نسق واحد ، فيجب تقييد المطلق بذلك المقيد ، وبعد التقييد يصير في حكم المقيد ، فيقيد اطلاق الآخر به ، فليتأمل جيدا.
ثم انه في الفرض الاول اعنى صورة تعارض العام مع الخصوصات اذا بقى من العام بعد خروج تلك الخصوصات مقدار لم يكن ارادته منه بشيعة فالحكم ما ذكرنا ، واما اذا لم يكن كذلك بان يكون الخصوصات مستوعبة لافراد العام ، او لم يبق بعد اخراجها مقدار يصح حمل العام عليه ، فيقع التعارض بين العام ومجموع الخصوصات ، وحالهما حال المتباينين ، فحينئذ لا يخلو إما ان يكون كل من العام والخصوصات متساويين في السند ، وإمّا لا ، وعلى الثاني إمّا ان يكون العام ارجح سندا من جميع الخصوصات ، وإمّا بالعكس ، وإمّا ان يكون راجحا
__________________
(١) قد عرفت في بعض الحواشي السابقة خروج المتباينين عن قانون المحاورة العرفية وان كان بينهما قدر متيقن ، ووجود الشاهد الخارجي لا يخرجهما عن ذلك وعلى هذا فلا بد من الرجوع الى الاخبار العلاجية فيهما وجعل ذلك الخاص مرجّحا لما وافقه ، فالمتعين التمثيل للمقام بالعامين من وجه مع الخاص المطلق ، كما في اكرم العلماء ، ويستحب اكرام العدول ، ويحرم اكرام فساق العلماء ، فانه بعد تخصيص الاول بالثالث يصير النسبة بينه وبين الثاني عموما مطلقا. (آية الله العظمى الحاج الشيخ محمّد علي الاراكى مدّ ظلّه العالى).