الأوّل اختيار صاحب الكفاية «قدسسره» (١) ، وهو القول بان المجعول في موارد الطرق إمّا الحجية الصرفة ، وإما الحكم الطريقي الناشي عن المصلحة في نفسه مع عدم ارادة او كراهة في متعلقه ، وفي موارد الاصول هو الحكم الفعلي من جميع الجهات مع كون الحكم الواقعي فعليا من غير جهة الشك. وباحد هذه الوجوه اجاب عن محذور منافاة الحكمين ، مع السلامة عن التصويب باختيار الطريقية.
وفيه ان القول بجعل الحجية مبني على تعقّل ما يقولون من الامور الاعتبارية التي لا واقعية ولا تحقق لها غير انشاء من يعتبر العقلاء بانشائه ، وقد ناقشنا فيه في محله ، وامّا الامر الطريقي فان اريد صرف ما هو مدلول الصيغة الذي يعبّرون عنه بالطلب الايقاعي فهو وان لم يكن منافيا مع الحكم الواقعي المخالف لكنه ليس موضوعا لحكم العقل بلزوم الاطاعة ، وان اريد به الحالة النفسانية الباعثة والزاجرة ـ وان انفكّت عن الارادة والكراهة في المتعلق ، بناء على ما هو التحقيق من كونه امرا اختياريا يمكن ايجاده لاجل المصلحة في نفسه ـ فهو وان كان موضوعا لحكم العقل ، ولكن المنافاة بينه وبين الحكم الواقعي بحالها اوّلا ، ولا يوجب تنجيز عقوبة الواقع ثانيا ، بل العقوبة على مخالفة نفسه ، لكونه امرا مولويا. وامّا تعدد المرتبة ، ففيه انا لم نتعقل للحكم مرتبة غير مرتبة البعث والزجر.
الوجه الثاني ما اختاره في الدرر قديما (٢) وهو الالتزام بطولية رتبة الحكم الظاهري بالنسبة الى الواقعي.
وفيه ان اطلاق الذات للحكم الواقعي محفوظ في الرتبة الثانية ، ومعه يبقى المنافاة بحالها.
__________________
(١) الكفاية ، في الامر الثاني من الامور التي قدمها على البحث عن الامارات ، ج ٢ ص ٥٢ ـ ٤٤ ط المشكيني.
(٢) الدرر ، ج ٢ ص ٨ ـ ٣٥٥.