للصدق والكذب بالمطابقة والمخالفة. هذا في الجمل الخبرية (*١٥).
وأمّا الانشائيات فكون الالفاظ فيها علة لتحقق معانيها مما لم أفهم له معنى محصلا ، ضرورة عدم كون تلك العلية من ذاتيات اللفظ ، وما ليس علة ذاتا لا يمكن جعله علة ، لما تقرر في محله من عدم قابلية العلية وامثالها للجعل.
والذي اتعقل من الانشائيات أنها موضوعة لان تحكى عن حقائق موجودة في النفس ، مثلا ، هيئة افعل موضوعة لان تحكى عن حقيقة الارادة الموجودة في النفس ، فاذا قال المتكلم : اضرب زيدا وكان في النفس مريدا لذلك فقد اعطت الهيئة المذكورة معناها ، واذا قال ذلك ولم يكن مريدا واقعا فالهيئة المذكورة ما استعملت في معناها ، نعم بملاحظة حكايتها عن معناها ينتزع عنوان آخر لم يكن متحققا قبل ذلك ، وهو عنوان يسمى بالوجوب ، وليس هذا العنوان المتاخر معنى الهيئة ، اذ هو منتزع من كشف اللفظ عن معناه ولا يعقل ان يكون عين معناه.
فان قلت : قد يؤتى بالالفاظ الدالة على المعاني الانشائية ، وليس في نفس المريد معانيها ، مثلا ، قد يصدر من المتكلم صيغة افعل كذا في مقام امتحان العبد او في مقام التعجيز وامثال ذلك ، وقد يتكلم بلفظة ليت ولعل ولا معنى في النفس يطلق عليه التمنى او الترجى ، فيلزم مما ذكرت أن تكون الالفاظ في الموارد المذكورة غير مستعملة اصلا او مستعملة في غير ما وضعت له ، والالتزام بكل منهما لا سيما الاول خلاف الوجدان.
قلت : تحقق صفة الارادة او التمنى او الترجى في النفس قد يكون لتحقق مباديها في متعلقاتها ، كمن اعتقد المنفعة في ضرب زيد فتحققت في نفسه ارادته ، او اعتقد المنفعة في شيء مع الاعتقاد بعدم وقوعه فتحقّقت في نفسه حالة تسمى بالتمنى ، او اعتقد النفع في شيء مع احتمال وقوعه فتحققت في نفسه حالة تسمى بالترجى ، وقد يكون تحقق تلك الصفات في النفس لا من جهة متعلقاتها بل توجد النفس تلك الصفات من جهة مصلحة في نفسها ، كما