قلت : اما مناسبة الأصدقية فهي عين مناسبة العدالة بمعنى ملكة الاجتناب عن مطلق الكبائر التي منها شرب الخمر ، فكما اتفقت الكلمة على اعتبارها بهذا المعنى في اصل جواز التقليد فايّ مانع في اعتبار الأصدقية في مقام الترجيح. واما الأفقهية مع اختلاف الحديثين فلا يخفى مناسبتها للفتوى ، اذ ربما اوجب الأفقهية طرح احدهما لخدشة في سنده او جهته او دلالته وقد خفيت على الآخر. وبالجملة الظاهر عدم الخدشة في دلالة المقبولة على المدّعى.
وامّا مقدار دلالتها فاعلم ان غاية ما تدلّ عليه ترجيح الافقه في صورة العلم بالاختلاف ، إما تفصيلا وإمّا اجمالا على وجه الشبهة المحصورة ، فيبقى صورة الشك البدوي والعلم الاجمالي المندرج في الشبهة الغير المحصورة باقية تحت اطلاقات التخيير المنفصلة عن هذه المقبولة ، نعم في موضوع العلم بالاختلاف قد اعتبر الأفقهية الواقعية ، وعلى هذا فيجب الفحص عن الاعلمية مع العلم بالاختلاف ، ولا يجب الفحص لا عن الاختلاف ولا عن الاعلمية مع الشك فيه.
وبهذا يفترق المقام عن اخبار الثقة ، حيث يجب الفحص هناك عن اصل وجود المعارض وكذا عن اقوائيته بعد فرض الفراغ عن وجوده ، وجه الفرق ان دليل اصل حجية الخبر ناظر الى صورة عدم المعارضة الواقعية ، ودليل العلاج ما دلّ منه على التخيير علّقه على المعارضة الواقعية مع عدم الاقوائية كذلك ، وما دلّ على الترجيح علّقه على المعارضة الواقعية مع الاقوائية كذلك ، فلا جرم يجب الفحص في كلّ من المقامين. وامّا في مقامنا فلم يرد الحكم بترجيح الافقه في صورة الاختلاف في كلام الامام عليهالسلام ابتداء ، بل فرض السائل اوّلا اختلاف الفقيهين بعد مراجعة المترافعين ثم ورد الجواب بتعيّن الافقه ، ولا يمكن الاخذ باطلاق هذا الجواب بواسطة سبق السؤال المذكور ، وليس هذا من باب مانعية القدر المتيقن في مقام التخاطب عن الاخذ بالاطلاق حتى يقال : انك لا تقول به ، بل من باب احتفاف الكلام بما يصلح