وان اتحدا ذاتا ، فهو كلام معقول ، ولكن لا ينبغى ان يذكر في عداد المسائل العقلية ، فان انتزاع مفهوم آخر من مرتبة ظهور الإرادة مما لا ينكر ، كما اشرنا اليه سابقا ، فالكلام المذكور يرجع الى دعوى ان لفظ الطلب موضوع لهذا المعنى ، بخلاف لفظ الإرادة ، فانه موضوع للصفة المخصوصة النفسانية ، سواء تحقق لها كاشف ام لا.
قال شيخنا الاستاذ «دام بقاه» في الكفاية في توضيح عينية الطلب مع الارادة ما لفظه : إن الحق كما عليه اهله وفاقا للمعتزلة وخلافا للاشاعرة هو اتحاد الطلب والإرادة ، بمعنى ان لفظهما موضوعان بازاء مفهوم واحد ، وما بإزاء احدهما في الخارج يكون بإزاء الآخر ، والطلب المنشأ بلفظه او بغيره عين الإرادة الانشائية ، وبالجملة هما متحدان مفهوما وانشاء وخارجا ، لا ان الطلب الانشائى الذي هو المنصرف اليه اطلاقه كما عرفت متحد مع الإرادة الحقيقية التي ينصرف اليها اطلاقها ايضا ، ضرورة ان المغايرة بينهما اظهر من الشمس وابين من الامس ، اذا عرفت المراد من حديث العينية والاتحاد ففي مراجعة الوجدان عند طلب شيء والامر به كفاية ، فلا يحتاج الى مزيد بيان واقامة برهان ، فان الانسان لا يجد غير الارادة القائمة بالنفس صفة اخرى قائمة بها تكون هو الطلب غيرها «انتهى» (١).
اقول : ما افاده من ان الانسان لا يجد من نفسه غير الإرادة القائمة بالنفس صفة اخرى قائمة بها عند طلبه شيئا هو حق لا محيص عنه ، واما التزامه بان المفهوم الذي هو ما بإزاء لفظ الإرادة او الطلب له نحو ان من التحقق : احدهما التحقق الخارجى والآخر التحقق الاعتباري فهو مبنى على ما حققه من أن معاني الهيئة امور اعتبارية توجد باللفظ بقصد الايقاع ، وفيه ، مضافا الى ما عرفت سابقا من عدم تعقل كون اللفظ موجدا لمعناه ، أن الامور الاعتبارية التى
__________________
(١) الكفاية ، الجهة الرابعة من مباحث مادّة الامر ، ص ٩٥.