لان بقاء الامر مع ذلك مستلزم لطلب الحاصل ، وهذا واضح بادنى تامل.
فالاولى ان يقال في وجه حكم العقل باتيان الفعل على نحو يسقط به الغرض ان الاتيان به علي غير هذا النحو وان كان يسقط الامر إلّا ان الغرض المحدث له ما دام باقيا يحدث امرا آخر وهكذا ما دام الوقت الصالح لتحصيل ذلك الغرض باقيا ، فلو أتى بالفعل على نحو يحصل به الغرض وإلّا يعاقب على تفويت الغرض.
لا يقال : فوت الغرض الذي لم يدخل تحت التكليف ليس منشأ للعقاب.
لانا نقول : نعم لو لم يكن الآمر بصدد تحصيله واما لو تصدى لتحصيله بالامر ولكن لم يقدر على ان يامر بتمام ما يكون محصلا لغرضه كما فيما نحن فيه والمكلف قادر على ايجاد الفعل بنحو يحصل به الغرض الاصلى فلا اشكال في حكم العقل بلزوم اتيانه كذلك.
ومن هنا يعلم انه لا وجه للالتزام بامرين (*٣٠) احدهما بذات الفعل والثاني بالفعل المقيد بداعى الامر ، لان الثاني ليس إلّا لالزام المكلف بالفعل المقيد وقد عرفت انه ملزم به بحكم العقل.
__________________
وان كان استناد المعلول اليها لا باقتضائها بل انما هو حاصل قهرا ، وحينئذ نقول : لو لم يات بداعى الامر فما هو المعلول لهذا الامر لم يؤت به ، فعليه الاتيان بالفعل ثانيا مع هذا القيد ، وليس المتعلق للامر صرف الوجود الغير القابل للتكرار ، بل مطلق الوجود القابل له ، كما مر الاشارة اليه سابقا.
ومن هنا يظهر طريق آخر لتصحيح الامر العبادي غير طريق اخصيّة الغرض وهو ملاحظة تقيد المتعلق لبا بالقيد المذكور مع القول بمطلق الوجود.
ان قلت : مع ملاحظة هذا التقيد لا حاجة الى القول بمطلق الوجود لتمامية المطلب على تقدير القول بصرف الوجود ايضا ، لان صرف وجود المقيد بداعى الامر غير منطبق على الفعل المأتي به لا بداعى الامر ، قلت صرف الوجود انما يلاحظ بالاضافة الى الفعل وقيوده الملحوظة معه استقلالا ، وهذا القيد ليس كذلك وان كان ثابتا في الذهن لبا «منه».