تمام القيود التى يكون بها قوام المصلحة.
لانا نقول : عرفت انه قد يتعلق الطلب بما هو لا يكون مطلوبا في حد ذاته ، بل يكون تعلق الطلب لاجل ملاحظة حصول الغير ، والفعل المفيد بعدم الدواعى النفسانية وان لم يكن تمام المطلوب النفسى مفهوما ، لكن لما لم يوجد في الخارج إلّا بداعى الامر لعدم امكان خلو الفاعل المختار عن كل داع يصح تعلق الطلب به ، لانه يتحد في الخارج مع ما هو مطلوب حقيقة ، كما لو كان المطلوب الاصلى اكرام الانسان فانه لا شبهة في جواز الامر باكرام الناطق لانه لا يوجد في الخارج الا متحدا مع الانسان الذى اكرامه مطلوب اصلى ، وكيف كان فهذا الامر ليس امرا صوريا بل هو امر حقيقى وطلب واقعي لكون متعلقه متحدا في الخارج مع المطلوب الاصلى.
نعم يبقى الاشكال في ان هذا الفعل اعنى الفعل المقيد بعدم الدواعي النفسانية مما لا يقدر المكلف على ايجاده في مرتبة الامر فكيف يتعلق الامر به ، وقد عرفت جوابه في المقدمة الثالثة هذا.
وقد يقال في العبادات بان الامر متوجه الى ذات الفعل ، والغرض منه جعل المكلف قادرا على ايجاد الفعل بداعي الامر الذي يكون موردا للمصلحة في نفس الامر ، والعقل بعد التفاته الى اخصية الغرض يحكم بلزوم الاطاعة على نحو يحصل به الغرض ، اما توجه الامر الى ذات الفعل فلعدم امكان اخذ حصوله بداعى الامر في المطلوب من جهة لزوم الدور ، واما ان العقل يحكم بلزوم اتيان الفعل بداعى الامر فلانه ما لم يسقط الغرض لم يسقط الامر ، لان الغرض كما صار سببا لحدوثه كذلك يصير سببا لبقائه ، لان البقاء لو لم يكن اخف مئونة من الحدوث فلا اقل من التساوى ، والعقل حاكم بلزوم اسقاط الامر المعلوم.
وفيه انه لا يعقل بقاء الامر مع اتيان ما هو مطلوب به على ما هو عليه (١)
__________________
(١) فيه ان الامر علة لوجود المتعلق ، والعلة انما تقتضى المعلول المستند اليها ، وان كان