وهو ضعيف ؛ لأن اختصاص مورد الثاني بالجاري لا يستلزم اشتراطه ، وثبوت البأس في مفهوم الأول مع عدم الجريان أعم من النجاسة فيحتمل الكراهة .
مضافاً إلى ضعف الدلالة من وجوه اُخر ، أظهرها احتمال إرادة الجريان من السماء ، المعبر عنه بالتقاطر في كلام الفقهاء .
ويقوِّي هذا الاحتمال أنّ حمل الجريان على ما فهمه الشيخ من الجريان من الميزاب ونحوه يوجب خلو ما ذكروه من اشتراط التقاطر من السماء في عدم الانفعال من نص يدل عليه ، وهو بعيد .
( ومحصّل هذا الجواب إجمال متعلّق الجريان ، فكما يحتمل ما يستدلّ به للشيخ فكذا يحتمل ما ذكرناه ممّا لا خلاف فيه ) (١) .
وربما يتردد بعض المتأخرين (٢) في إلحاقه بالجاري مع ورود النجاسة عليه مع عدم الجريان ؛ التفاتاً إلى اختصاص الروايات المتقدّمة النافية للبأس عنه بعد الملاقاة بوروده على النجاسة ، ولا دلالة فيها على الحكم المذكور مع العكس ، فينبغي الرجوع فيه إلى القواعد .
وهو ضعيف ؛ لما قدّمناه من الاُصول ، وعموم المرسلة وإن تضمن صدرها ما في سابقيها ، لعدم تخصيص العام بالمورد الخاص فتأمل .
مع أن قوله عليه السلام في الصحيح المتقدم : « ما أصابه من الماء أكثر منه » في حكم التعليل ، وظاهره جعل العلّة خصوص الأكثرية ، ولا يختلف فيها الحال في الصورتين بلا شبهة .
هذا مع أنّ الصحيحة السابقة صريحة في ردّه من حيث وقوع التصريح
____________________
(١) ما بين القوسين ليست في « ش » .
(٢) كما في معالم الفقه : ١٢٠ ، مشارق الشموس : ٢١١ .