فمحل الاكرام بعد مجيئه ، ومحل مقدماته ان كان قبل المجىء فمجرد علم المكلف بالمجىء يقتضى ايجادها قبله ، ولو قال : ان مشى زيد فامش مقارنا مع مشيه فمحل المشى زمان مشى زيد ، فلو علم تحقق المشى من زيد في زمان خاص يجب عليه المشى في ذلك الزمان حتى يصير مشيه مقارنا معه ، ولو قال ان جاء زيد فاستقبله فمحل الاستقبال قبل مجيئه فلو علم بمجيئه غدا مثلا يجب عليه الاستقبال في اليوم ، والحاصل ان طلب الشيء على فرض تحقق شيء لا يقتضى ايجاد ذلك الشيء المفروض وجوده ولكن بعد العلم بتحقق ذلك الشيء يؤثر في المكلف ويقتضى منه ان يوجد كلا من الفعل ومقدماته في محله فقد يكون محل الفعل بعد تحقق ذلك الشيء في الخارج وقد يكون قبله وقد يكون مقارنا له (١) وهكذا محل مقدماته قد يكون قبله وقد يتسع زمان اتيان المقدمة ، كما لو توقف اكرام زيد غدا على شيء ممكن تحصيله في اليوم وفي الغد والمقصود ان الوجوب المعلق على شيء بعد الفراغ عن ذلك الشيء يجب بحكم
__________________
(١) لا يخفى ان اللحاظ الفراغى في هذين القسمين لا يصح ان يتعلق بالوجود الخارجي للشرط ، بمعنى انه لو لاحظ في ذهنه الفراغ عن تحقق القدوم مثلا خارجا او عن تحقق زوال الشمس كذلك لا يوجد في نفسه البعث نحو الاستقبال او الوقوف بعرفات ، فاللازم ان يتعلق الفراغ الذهني فيهما بالوجود الانتزاعى اعنى كونه بحيث يقدم او كون الشمس بحيث تزول.
ولكن ينقدح من هنا اشكال في تصوير الامر بالمهم مترتبا على ترك الاهم كما ياتى في مبحث الضد ، بيانه انا ان اعتبرنا الفراغ عن تحقق ترك الاهم خارجا لم يبق محل للامر بالمهم ، وان اعتبرنا الفراغ عن تحققه الانتزاعى يتوجه الاشكال بانه كيف يمكن الامر بالمهم حينئذ مع توجه الامر بالاهم الى المكلف ، وهل هو إلّا طلب الجمع بين الضدين في فرض ترك الجمع ، اما وجود الامر بالمهم فهو المفروض ، واما الامر بالاهم فهو وان لم يكن له اطلاق بالنسبة الى الحالة المذكورة اعنى حال كون المكلف ممن يترك الاهم إلّا انه لا اشكال في كونه محركا نحو الذات في هذا الحال فاجتمع الامر ان في حالة واحدة وهو عين ما قلناه من طلب الجمع بين الضدين عند كونه ممن يترك الجمع ، ويأتي الجواب عن هذا الإشكال في مبحث الضد ان شاء الله «منه».