منها : ما يكون عروضه واتصاف المحل به في الخارج ، كالحرارة العارضة للنار والبرودة العارضة للماء وامثالهما من الاعراض القائمة بالمحالّ في الخارج.
ومنها : ما يكون عروضه في الذهن واتصاف المحل به في الخارج (١) كالابوة والبنوة والفوقية والتحتية وامثالها.
ومنها : ما يكون عروضه في الذهن واتصاف المحل به فيه ايضا ، كالكلية العارضة للانسان ، حيث ان الانسان لا يصير متصفا بالكلية في الخارج قطعا فالعروض في الذهن لان الكلية انما تنتزع من الماهية المتصورة في الذهن ، واتصاف تلك الماهية بها ايضا فيه لانها لا تقبل الكلية في الخارج.
فنقول حينئذ : لا اشكال في ان عروض الطلب سواء كان امرا او نهيا لمتعلقه ليس من قبيل الاول ، وإلّا لزم ان لا يتعلق إلّا بعد وجود متعلقه ، كما ان الحرارة والبرودة لا تتحققان الا بعد تحقق النار والماء ، فيلزم البعث على الفعل الحاصل والزجر عنه ، وهو غير معقول ، ولا من قبيل الثاني لان متعلق الطلب اذا وجد في الخارج مسقط للطلب ومعدم له ، ولا يعقل ان يتصف في الخارج بما هو يعدم بسببه ، فانحصر الأمر في الثالث ، فيكون عروض الامر والنهى لمتعلقاتهما كعروض الكلية للماهيات.
اذا عرفت ذلك فنقول : ان طبيعة الصلاة والغصب وان كانتا موجودتين
__________________
(١) هذا القسم على حسب تسليم ما قرره اهل المعقول ، وإلّا فما ذكره لا يخلو من اشكال : من جهة ان الابوة والبنوة والفوقية والتحتيّة وامثال ذلك امور خارجية لها نفس امرية وراء عالم الخيال ، ولها الصدق والكذب باعتبار المطابقة للواقع وعدمها ، وحينئذ فان اراد اهل المعقول بعدم وجود هذه الامور في الخارج عدم وجودها بحد مستقل كالجواهر فهو من البديهيات ، ولكن لا يلزم ان يكون كل ما له نفس امرية في الخارج من هذا القبيل ، وان ارادوا سلب الوجود عنها في الخارج رأسا وحصره في الذهن وعالم الخيال فيمكن دعوى القطع بخلافه ، للفرق الواضح بين هذه الامور وبين ما يتخيله الانسان مما لا واقع له وان كان له منشأ خارجى «منه».