للمولى ، ومنها الخياطة ، فلا يمكن ان يتعلق ارادته بما يبغضه ، وهل ترضى ان تقول : ان المولى بعد عدم وصوله الى الغرض الذي كان له في ترك الكون في ذلك المكان يرفع يده من الغرض الآخر من دون مزاحم اصلا؟ وهل يرضى أحد أن يقول : انه في المثال المذكور يكون انحاء التصرفات في نظر المولى على حد سواء؟ وبالجملة اظن ان هذا من الوضوح بمكان بحيث لا ينبغي ان يشتبه على احد ، وان صدر خلافه عن بعض اساتيد العصر «دام بقائه» فلا تغفل.
والحاصل أن جهة النهى انما تزاحم جهة الامر اذا امكن للمكلّف بعث المكلّف الى ترك الفعل ، واما اذا لم يمكنه ذلك لكون الفعل صادرا قهرا من غير اختيار المكلف فلو وجدت فيه جهة الامر ولم يأمر به لزم رفع اليد عن مطلوبه وغرضه من دون جهة ومزاحم.
هذا اذا اخترنا اول شقى الترديد ، وهو كون الخروج مقدمة لترك الغصب الزائد.
وأما على ثانيهما : فعدم كون الخروج موردا للحكم الشرعي واضح ، لعدم كونه مقدمة للواجب حتى يصير واجبا ، كما هو المفروض ، وعدم قدرة المكلف على ترك الغصب بمقدار الخروج حتى يصير حراما ، ولكن لو طبق تلك الحركة الخروجية على عبادة كان يصلى في تلك الحالة نافلة بحيث لا يستلزم غصبا زائدا على المقدار المضطر اليه او يصلى المكتوبة كذلك في ضيق الوقت كانت تلك العبادة صحيحة ، لما ذكرنا من الوجه ، وهو عدم قابلية الجهة الغير المؤثرة في نفس المريد للمزاحمة مع الجهة المؤثرة.
فان قلت : هب صحة الامر التوصلى في امثال المقام ، ولكن نمنع صحة الامر التعبدي ، والسر في ذلك ان الغرض في الاوامر التوصلية وقوع الفعل في الخارج كيف ما كان ، لترتب الغرض عليه وان اتحد مع مبغوض آخر ، واما الغرض في التعبديات فليس ذلك ، بل الغرض وقوع العبادة على وجه يحصل به القرب ، ولا يحصل القرب بما هو مبغوض فعلا ، لانه موجب لاستحقاق العقوبة