الاصلي ولو فرض ان الغرض الداعي الى الامر شيء اخصّ فاذا حصل صرف وجود الطبيعة فلا يعقل بقاء هذا الامر ، لانه يرجع الى طلب تحصيل الحاصل ، فان صرف الوجود الناقض للعدم بالنسبة الى الطبيعة لا يقبل التكرار ، فهو مع الوجود الشخصي الجزئي الحقيقي على السواء من هذه الجهة ، فكما انه لو امر بايجاد قتل زيد فقتله لا يمكن بقاء هذا الامر ، لان وجود هذا الفرد الشخصي من القتل لا يمكن تكراره ، فكذلك في المقام ، نعم لو امر بامر آخر بتحصيل الطبيعة واعطاء صرف الوجود اياها كان ممكنا لأنّ مرجعه الى ايجاد الطبيعة من كتم العدم ايضا ، فانها بملاحظة هذا الطلب الجديد لم يخرج من العدم الى الوجود وان خرج بملاحظة الطلب الاول ، والحاصل ان المعتبر خروج الطبيعة من العدم بعد الطلب ، فلا اعتبار بالوجود قبله ، فيمكن التكرار مع تعدد الطلب ولا يمكن بدونه ، فالقول ببقاء الطلب الواحد وعدم سقوطه مع حصول الطبيعة بعده بجميع قيودها المعتبرة في متعلق الطلب ليس إلّا طلبا للحاصل ، نعم يمكن ان يقال انه يستكشف من هذا الامر مع كون الغرض اخص انقداح طلب آخر في نفس المولى ، والحاصل نعلم ان له غرضا يكون بصدد اقتضاء تحصيله من العبد ، اما وجود الغرض فهو المفروض ، واما انقداح الاقتضاء في نفسه فبدلالة الامر الاول ، حيث انه لو لم يكن في نفسه الاقتضاء لما امر ، لكن هذا غير بقاء الامر الاول ، بل هو في الحقيقة امران ، غاية الامر ان مظهر احدهما اللفظ ومظهر الآخر حكم العقل والوجدان ، كما في صورة وجدان ولد المولى غريقا مع عدم التفات المولى (١).
ويمكن توجيه بقاء الامر الاول وعدم الحاجة الى امر آخر بتقريب آخر : وهو ان يقال : ان صيغة الامر تدل على طلب الطبيعة لا بصرف وجودها الناقض للعدم بل بوجودها الساري اللازم منه سراية الطلب الى كل فرد منها ، فينحل الى اوامر وموضوعات ، فعلى العبد ان يأتي بالوجود الثاني ايضا وكذا الثالث ، فصاعدا ، باقتضاء نفس الامر الاول ، لكن متى حصل الغرض كان مسقطا لسائر الاوامر المتعلقة بسائر الوجودات ، فان حصول الغرض ايضا مسقط للأمر كالامتثال ، كما في الواجب الكفائي ، حيث ان الكل مأمورون فكل مكلف مأمور بامر مستقل ولكن اتيان البعض يوجب حصول الغرض ، وبسببه يسقط الامر عن الباقين فهنا ايضا ما لم يحصل القيد الموجب لسقوط الغرض يجب الاتيان بالافراد باي مبلغ بلغت ، ومتى حصل سقط اوامر الباقي.
__________________
(١) هذا التوجيه نقله الاستاذ «دام ظله» عن استاذه المحقق المدقّق آغا ميرزا محمد تقى الشيرازى الحائرى دام عمره وتاييده (المؤلّف ، دام ظله العالى).