فالشاك مردّد أمره بين أن يكون له دليل يصل اليه بعد الفحص فيصح عقوبته ، او لا يكون فيقبح عقابه ، ولما لم يكن جازما بقبح العقاب يجب عليه عقلا الاحتياط او الفحص ، فالوجود الواقعي للدليل لو كان بحيث لو تفحص عنه لظفر به يثمر في حقه ، لانه به يؤاخذ ويعاقب على المخالفة.
__________________
منها قوله تعالى : (قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ) بناء على استفادة الاستناد من الصدر ، فمقابله ما وقع لا عن استناد الى الإذن سواء جامع الاذن واقعا ام لا ، وقد عبر في الآية عن كلا فرديه بالافتراء ، فلا يتم إلّا بان يقال بانه في صورة الشك في حكم الافتراء شرعا.
وفيه ان سوق الآية ظاهر في ان مقابل الصدر مصداق للافتراء بشهادة وجدانهم لا بتعبد من الشارع ، وهذا قرينة على ان صورة الشك خارجة عن محل تعرض الآية.
ومنها قوله عليهالسلام ـ في بعض الاخبار في عداد من في النار من القضاة ـ : «ورجل قضى بالحق وهو لا يعلم» *.
وفيه ان غاية ما يستفاد منه اشتراط علم القاضي بموازين القضاء ليكون قضائه بمقتضى تلك الموازين او بمقتضى علم نفسه ، لا كما هو المرسوم بين بعض الناس من القضاء بمقتضى الاستحسانات ، واين هذا من حرمة اسناد ما لا يعلم الى الله تعالى؟
ومنها الادلة الناهية عن القول بغير العلم.
وفيه ان غاية ما تدل عليه حرمة الفتوى بغير العلم ، والكلام في البناء القلبى المجرد.
ومنها بعض الاخبار المتضمنة لترتب الهلاكة على الديانة بما لا يعلم.
وفيه انه لا اشكال في قبح التدين بما لا يعلم عقلا لانه تعرض من العبد فيما هو شأن المولى من تشريع الاحكام ، وفيه من الهتك ما لا يخفى ، ومثل هذا القبيح الراجع الى ساحة المولى لا يدل ترتب الهلاك عليه على وجود النهي المولوي ، لان عقاب المولى من حيث إنه مولى صحيح قبل وجود النهي ، والغرض من جعل النهي ايجاد المصحح للعقاب المولوي ، فجعله في المقام بهذا الغرض تحصيل للحاصل «منه ، قدسسره».
* سورة يونس ، الآية ٥٩.
* الوسائل ، الباب ٤ من ابواب صفات القاضي ، الحديث ٦.